للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بنائها، وكان رَضْمًا فوق القامة، فأرادت قريش رفعها، وتسقيفها، وذلك أن نفراً سرقوا كنز الكعبة"، فذكر القصّة مطوّلًا في بنائهم الكعبة، وفي اختلافهم فيمن يضع الحجر الأسود حتى رَضُوا بأول داخل، فدخل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فحكّموه في ذلك، فوضعه بيده، قال: "وكانت الكعبة على عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ثمانية عشر ذراعًا". ووقع عند الطبرانيّ من طريق أخرى عن ابن خُثيم، عن أبي الطفيل أن اسم النجّار المذكور: باقوم، وللفاكهيّ من طريق ابن جريج مثله، قال: "وكان يتّجر إلى بندر وراء ساحل عدن، فانكسرت سفينته بالشُّعَيبة، فقال لقريش: إن أجريتم عيري مع عيركم إلى الشام أعطيتكم الخشب، ففعلوا"، وروى سفيان بن عيينة في "جامعه" عن عمرو بن دينار؛ أنه سمع عبيد بن عمير يقول: اسم الذي بنى الكعبة لقريش: باقوم، وكان روميًّا، وقال الأزرقيّ: كان طولها سبعة وعشرين ذراعًا، فاقتصرت قريش منها على ثمانية عشر، ونقصوا من عرضها أذرعًا أدخلوها في الحجر، ذكره في "الفتح" (١).

(اقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ") -عليه السلام-، وذلك لقصور النفقة التي أخرجوها لذلك، فقد ذكر ابن إسحاق في "السيرة" عن عبد الله بن أبي نَجِيح أنه أخبره عن عبد الله بن صفوان بن أميّة: أن أبا وهب بن عابد بن عمران بن مخزوم -وهو جدّ جعدة بن هُبيرة بن أبي وهب المخزوميّ- قال لقريش: لا تُدخلوا فيه من كسبكم إلا الطيّب، ولا تدخلوا فيه مهر بَغِيّ، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس.

وروى سفيان بن عيينة في "جامعه" عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه، أنه شَهِد عمر بن الخطاب أرسل إلى شيخ من بني زُهْرة، أدرك ذلك، فسأله عمر عن بناء الكعبة؟ فقال: إن قريشًا تقرّبت لبناء الكعبة -أي: بالنفقة الطيبة- فعجزت، فتركوا بعض البيت في الْحِجْر، فقال عمر: صدقت.

[تنبيه]: قال العلماء: بُنِي البيت خمس مرات، بَنَتْه الملائكة، ثم إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، ثم قريش في الجاهلية، وحضر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- هذا البناء، وله خمس وثلاثون سنة، وقيل: خمس وعشرون، وفيه سقط على الأرض حين وقع


(١) "الفتح" ٤/ ٤٨٥ - ٤٨٧.