للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): ما ترجم عليه البخاريّ في "كتاب العلم" من "صحيحه"، حيث قال: "باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهْم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشدّ منه". والمراد بالاختيار في عبارته: المستحبّ، وذلك لأن قريشًا كانت تعظّم أمر الكعبة جدًّا، فخَشِي -صلى الله عليه وسلم- أن يظنوا لأجل قرب عهدهم بالإسلام أنه غَيَّر بناءها؛ لينفرد بالفخر عليهم في ذلك. قاله في "الفتح" (١).

٣ - (ومنها): ترك المصلحة؛ لأمن الوقوع في المفسدة.

٤ - (ومنها): ومنه ترك إنكار المنكر؛ خشيةَ الوقوع في أنكر منه.

٥ - (ومنها): أن فيه اجتناب وليّ الأمر ما يتسرّع الناس إلى إنكاره، وما يُخشى منه تولّد الضرر عليهم في دين، أو دنيا، إلا الأمور الشرعيّة؛ كأخذ الزكاة، وإقامة الحدود، ونحو ذلك.

٦ - (ومنها): تألُّف قلوب الرعية، وحسن حياطتهم، وأن لا يُنَفَّروا، ولا يتعرض لما يُخاف تنفيرهم بسببه، ما لم يكن فيه ترك أمر شرعيّ.

٧ - (ومنها): أن الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم، ولو كان مفضولًا، ما لم يكن محرَّمًا.

٨ - (ومنها): تقديم الأهمّ، فالأهمّ، من دفع المفسدة، وجلب المصلحة، وأنهما إذا تعارضا بُدئ بدفع المفسدة.

قال النوويّ -رحمه الله-: وفي هذا الحديث دليل لقواعد من الأحكام، منها: إذا تعارضت المصالح، أو تعارضت مصلحة ومفسدة، وتعذّر الجمع بين فعل المصلحة، وترك المفسدة، بدئ بالأهم؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن نقض الكعبة وردّها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- مصلحة، ولكن تُعارضه مفسدةٌ أعظم منه، وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريبًا، وذلك لِمَا كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة، فيرون تغييرها عظيمًا، فتركها -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (٢).

٩ - (ومنها): أن المفسدة إذا أُمن وقوعها عاد استحباب عمل المصلحة.

١٠ - (ومنها): حديث الرجل مع أهله في الأمور العامة.


(١) "الفتح" ١/ ٣٩٠ و ٤/ ٤٩٧.
(٢) "شرح النووي" ٩/ ٨٩.