للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أن نصفه الأول مسلسل بالكوفيين، والثاني بالمدنيين، سوى عطاء، فمكيّ.

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وصحابيّ، عن صحابيّة هي خالته.

شرح الحديث:

(عَنْ عَطَاءِ) بن أبي رَبَاح -رحمه الله- أنه (قَالَ: لَمَّا احْتَرَقَ الْبَيْتُ) أي: البيت الحرام، أحرقه الحصين بن نُمير السكونيّ لَمّا حاصر عبد الله بن الزبير في مكة بعد وقعة الحرّة بالمدينة سنة ثلاث وستين من الهجرة بأمر يزيد بن معاوية، رموا البيت بالمنجنيق، ورموا مع الأحجار بالنار والنفط، ومُشاقات الكتان، وغير ذلك من المحرقات، فاحترق ثياب الكعبة، وأخشاب البيت، وأخذوا يرتجزون، ويقولون:

خَطّارَةٌ مِثْلُ الْفَنِيقِ (١) الْمُزْبِدِ … نَرْمِي بِهَا أَعْوَادَ هَذَا الْمَسْجِدِ

والخطارة بتشديد الطاء: المنجنيق، وقيل في الحصين بن نمير هذا:

ابْنُ نُمَيْرٍ بِئْسَمَا تَوَلَّى … قَدْ أَحْرَقَ الْمَقَامَ وَالْمُصَلَّى

(زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، حِينَ غَزَاهَا) أي: الكعبة بقرينة البيت (أَهْلُ الشَّامِ) أي: حين غزوا ابن الزبير بمكة، لا أن غزوهم كان لبيت الله الحرام.

وسبب ذلك أن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- حين مات معاوية -رضي الله عنه- امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية، وأصرّ على ذلك، حتى أَغرى يزيد بن معاوية مسلمَ بنَ عقبة بالمدينة، فكانت وقعة الحرّة، ثم توجه الجيش إلى مكة، فمات أميرهم مسلم بن عقبة، وقام بأمر الجيش الشاميّ حُصَين بن نُمير، فحصر ابن الزبير بمكة، ورَمَوُا الكعبة بالمنجنيق، حتى احتَرَقَت، ففجأهم الخبر بموت يزيد بن معاوية، فرجعوا إلى الشام، وقام ابن الزبير في بناء الكعبة، ثم دعا إلى نفسه، فبويع بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز، ومصر، والعراق، وخراسان، وكثير من


(١) "الفَنِيق": الفحلُ المكرم من الإبل الذي لا يُركب، ولا يُهان؛ لكرامته عليهم. اهـ. "لسان العرب" ١٠/ ٣١٣.