للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التغضيب، يقال: حَرّبتُ الأسدَ، وأسدٌ مُحَرَّبٌ؛ أي: أغضبته، فهو مُغْضَبٌ. انتهى (١).

(فَلَمَّا صَدَرَ النَّاسُ) أي: رجعوا من الحجّ إلى بلدانهم، وقال الأبيّ: قوله: "فلما صدر الناس" يعني انصرفوا عن الموسم، قال ذلك لأهل مكة، ويَحْتَمِل أن يعني: انصرف رعاع الناس، وبقي خواصّ أهل الموسك. انتهى.

(قَالَ) ابن الزبير -رضي الله عنه- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي الْكَعْبَةِ) يقال: أشار عليّ بكذا: إذا أراه ما عنده فيه من المصلحة (٢). (أَنْقُضُهَا) وفي بعض النسخ: "أأنقضها" بهمزتين، الأولى للاستفهام (ثُمَّ أَبْنِي بِنَاءَهَا) أي: أبنيها بناء جديدًا (أَوْ أُصْلِحُ مَا وَهَى مِنْهَا؟) أي: ضعُف، يقال: وَهَى الحائط وَهْيًا، من باب وَعَدَ: ضَعُفَ، واستَرْخَى، وكذلك الثوب، والْقِرْبةُ، والْحَبْلُ، ويتعدّى بالهمزة، فيقال: أوهيته، ووَهَى الشئُ: إذا ضَعُفَ، أو سقط، قاله الفيّوميّ -رحمه الله- (٣).

وفيه دليل لاستحباب مشاورة الإمام أهل الفضل والمعرفة في الأمور المهمة.

(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (فَإِنِّي قَدْ فُرِقَ لِي رَأْيٌ فِيهَا) -بضم الفاء، وكسر الراء-؛ أي: انكشَف، واتّضَح لي، قال الله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} الآية [الإسراء: ١٠٦]؛ أي: أوضحناه، وبَيّناه، وكشفنا معانيه، قال النوويّ -رحمه الله-: هذا هو الصواب في ضبط هذه اللفظة، ومعناها، وهكذا ضبطه القاضي عياض، والمحققون، وقد جعله الحميديّ صاحب "الجمع بين الصحيحين" في كتابه "غريب الصحيحين": فَرِقَ بفتح الفاء: بمعنى خاف، وأنكروه عليه، وغَلَّطوا الحميديّ في ضبطه، وتفسيره. انتهى (٤).

(أَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى مِنْهَا، وَتَدَعَ) أي: تترك (بَيْتًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَأَحْجَارًا أَسْلَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا، وَبُعِثَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ) -صلى الله عليه وسلم- (لَوْ كَانَ أَحَدُكُمْ احْتَرَقَ بَيْتُهُ، مَا رَضِيَ حَتَّى يُجِدَّهُ) هكذا هو في أكثر النسخ: "يُجِدَّه"


(١) "المفهم" ٣/ ٤٣٦.
(٢) راجع: "المصباح" ٢/ ٣٢٧.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٧٤.
(٤) "شرح النوويّ" ٩/ ٩٢.