للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو الوقت الذي يَجتمع فيه الحجاج كلَّ سنة، كأنه وُسِم بذلك الوسم، وهو مَفْعِلٌ منه، اسم للزمان؛ لأنه مَعْلَمٌ لهم، يقال: وَسَمَه يَسِمُهُ سِمَةً، ووَسْمًا: إذا أثّر فيه بِكَيّ، قاله ابن الأثير -رحمه الله- (١).

وقال الأبيّ -رحمه الله-: كان احتراق البيت لثلاث خلون من شهر ربيع الأول، والموسم هي أيام الحجّ، والتأخير إنما هو فيما بين الزمانين. انتهى.

(يُرِيدُ أَنْ يُجَرِّئَهُمْ، أَوْ يُحَرِّبَهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ) "أو" للشكّ من الراوي، قال النوويّ -رحمه الله-: أما الحرف الأول فهو "يُجَرِّئُهُمْ" -بالجيم، والراء، بعدها همزة- من الجراءة؛ أي: يُشَجِّعهم على قتالهم بإظهار قبح فِعالهم، هذا هو المشهور في ضبطه، قال القاضي عياض -رحمه الله-: ورواه العذريّ: "يُجَرِّبُهُمْ" -بالجيم، والباء الموحدة- ومعناه: يختبرهم، وينظر ما عندهم في ذلك من حَمِيَّة، وغضب لله تعالى ولبيته.

وأما الثاني، وهو قوله: "أو يُحَرِّبُهُمْ" فهو بالحاء المهملة، والراء، والباء الموحدة، وأوله مضموم، ومعناه: يُغيظهم بما يرونه قد فُعل بالبيت، من قولهم: حَرَّبتُ الأسدَ: إذا أغضبته.

قال القاضي: وقد يكون معناه: يَحْمِلهم على الحرب، ويُحَرِّضهم عليها، ويؤكد عزائمهم لذلك، قال: ورواه آخرون: "يُحَزِّبُهم" بالحاء والزاي: يَشُدّ قوتهم، ويُميلهم إليه، ويَجعلهم حِزبًا له، وناصرين له على مخالفيه، وحِزْبُ الرجل من مال إليه، وتحازب القوم: تمالئوا. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: الأول من الجرأة، وهي الشجاعة، والثاني من التحزيب، وهو التجميع، هكذا لابن سعيد، والفارسيّ، وغيرهما، ومعنى ذلك أنه أراد أن يُشجّعهم، أو يُجمّعهم على أهل الشام بإظهار قبح أفعالهم في الكعبة، وروى الْعذريّ الحرف الأول "يُجَرّبهم" -بالباء الموحّدة- من التجربة؛ أي: يختبر ما عندهم من الغضب لله تعالى، ولبيته، وقيّد كافّتهم الحرف الثاني "يُحرّبهم" - (٣) بالحاء، والراء المهملتين، والباء الموحّدة- من التحريب، وهو


(١) "النهاية" ٥/ ١٨٦.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ٩٢.
(٣) "شرح الأبيّ" ٣/ ٤٢٧.