للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأَمر به أن يحفر له في جوف الكعبة، فيدفن، واتبعوا قواعد إبراهيم من نحو الحجر، فلم يصيبوا شيئًا حتى شَقَّ على ابن الزبير، ثم أدركوها بعدما أمعنوا، فنزل عبد الله بن الزبير، فكشفوا له عن قواعد إبراهيم، وهي صخر أمثال الْخَلِف (١) من الإبل، فأنفضوا له؛ أي: حركوا تلك القواعد بالْعُتُلّ، فنفضت قواعد البيت، ورأوه بنيانًا مربوطًا بعضه ببعض، فحمد الله، وكبّره، ثم أحضر الناس، فأمر بوجوههم وأشرافهم، فنزلوا حتى شاهدوا ما شاهدوه، ورأوا بنيانًا متصلًا، فأشهدهم على ذلك.

وروى عبد الرزاق، من طريق ابن سابط، عن زيد: "أنهم كشفوا عن القواعد، فإذا الحجر مثل الْخَلِفة، والحجارة مشبكة بعضها ببعض".

وللفاكهي من وجه آخر، عن عطاء: "قال: كنت في الأمناء الذين جُمِعوا على حفره، فحفروا قامة ونصفًا، فهجموا على حجارة لها عروق تتصل بزرد عرق المروة، فضربوه، فارتجت قواعد البيت، فكبّر الناس، فبنى عليه".

وفي رواية مرثد عند عبد الرزاق: "فكشف عن ربض في الحجر، آخذ بعضه ببعض، فتركه مكشوفًا ثمانية أيام؛ ليشهدوا عليه، فرأيت ذلك الربض مثل خَلِف الإبل، وجهٌ حجر ووجه حجران، ورأيت الرجل يأخذ العتلة فيضرب بها من ناحية الركن، فيهتزّ الركن الآخر" (٢).

(فَنَقَضُوهُ حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الْأَرْضَ، فَجَعَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ أَعْمِدَةً، فَسَتَّرَ) هكذا النسخ بتشديد التاء، ولعله للمبالغة، يقال: سَتَرتُ الشيءَ سَتْرًا، من باب قَتَلَ، ويقال لما ينصبه المصلّي قُدّامه علامة لمصلّاه، من عصًا، وتسنيم تُراب وغيره: سُترةٌ؛ لأنه يستر المارّ من المرور؛ أي: يحجبه.

(عَلَيْهَا) أي: على الكعبة، والمراد: المنقوض من بنائها (السُّتُورَ) بالضمّ: جمع سِتْر بالكسر، وهو ما يُستر به، والسُّترةُ بالضمّ مثله، قال ابن


(١) "الخَلِفة" بكسر اللام: هي الحامل من الإبل، اسم فاعل، يقال: خَلِفت خَلَفًا، من باب تعب: إذا حملت، وتُحذف الهاء، أيضًا، فيقال: خَلِفٌ، قاله في "المصباح" ١/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٢) راجع: "الفتح" ٤/ ٤٩٣ - ٤٩٤.