للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ -رحمه الله-: جميع الروايات التي جمعتها هذه القصة متفقة على أن ابن الزبير جعل الباب بالأرض، ومقتضاه أن يكون الباب الذي زاده على سَمْته، وقد ذكر الأزرقيّ أن جملة ما غَيَّره الحَجاج الجدار الذي من جهة الحجر، والباب المسدود الذي في الجانب الغربيّ عن يمين الركن اليمانيّ، وما تحت عتبة الباب الأصليّ، وهو أربعة أذرع وشبر، وهذا موافق لما في الروايات المذكورة، لكن المشاهد الآن في ظهر الكعبة باب مسدود، يقابل الباب الأصليّ، وهو في الارتفاع مثله، ومقتضاه أن يكون الباب الذي كان على عهد ابن الزبير لم يكن لاصقًا بالأرض، فَيَحْتَمِل أن يكون لاصقًا كما صرحت به الروايات، لكن الحَجاج لما غيّره رفعه، ورفع الباب الذي يقابله أيضًا، ثم بدا له فسدّ الباب المجدد، قال: لكن لم أر النقل بذلك صريحًا.

وذكر الفاكهيّ في أخبار مكة أنه شاهد هذا الباب المسدود من داخل الكعبة في سنة ثلاث وستين ومائتين، فإذا هو مقابل باب الكعبة، وهو بقدره في الطول والعرض، وإذا في أعلاه كلاليب ثلاثة، كما في الباب الموجود سواء، فالله أعلم. انتهى (١).

(فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ) أي: في ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وتقدّم أنه كان بويع له، ولم يتخلّف عن بيعته إلا أهل الشام؛ لبيعتهم مروان، وابنه عبد الملك، وكان عبد الملك ولَّى الحَجاج ولايتين، الأولى ولاه فيه الحجاز، والثانية ولاه العراق، ففي ولايته الأولى حاصر فيها ابن الزبير بمكة، وقاتله، حتى قُتل (٢). (كَتَبَ الْحَجَّاجُ) بن يوسف بن عقيل الثقفيّ الأمير المشهور الظالم المبير، وقع ذكره وكلامه في "الصحيحين" وغيرهما، وليس بأهل أن يُروى عنه، ولي إمرة العراق عشرين سنة، ومات سنة خمس وتسعين (٣). (إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ) بن الحكم بن أبي العاص الأمويّ، أبي الوليد المدنيّ، ثمّ الدمشقيّ، كان طالب علم قبل الخلافة، ثم اشتغل بها، فتغيّر حاله، مُلّك ثلاث عشرة سنةً استقلالًا، وقبلها منازعًا لابن الزبير تسع


(١) "الفتح" ٤/ ٤٩٤ - ٤٩٥.
(٢) "شرح الأبيّ" ٣/ ٤٢٨.
(٣) "تقريب التهذيب" ص ٦٥.