أو المهديّ، أو المنصور أنه أراد أن يعيد الكعبة على ما فعله ابن الزبير، فناشده مالك في ذلك، وقال: أخشى أن يصير ملعبة للملوك فتركه.
قال الحافظ: وهذا بعينه خشية جدّهم الأعلى عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، فأشار على ابن الزبير لَمّا أراد أن يهدم الكعبة، ويجدد بناءها بأن يَرُمّ ما وَهَى منها، ولا يتعرض لها بزيادة ولا نقص، وقال له: لا آمن أن يجيء مِن بعدك أمير، فيغيّر الذي صنعت. أخرجه الفاكهيّ من طريق عطاء عنه.
وذكر الأزرقيّ أن سليمان بن عبد الملك هَمَّ بنقض ما فعله الحَجاج، ثم ترك ذلك لمّا ظهر له أنه فعله بأمر أبيه عبد الملك.
قال: ولم أقف في شيء من التواريخ على أن أحدًا من الخلفاء، ولا من دونهم غَيَّر من الكعبة شيئًا مما صنعه الحَجاج إلى الآن، إلا في الميزاب، والباب، وعتبته، وكذا وقع الترميم في جدارها غير مرة، وفي سقفها، وفي سُلَّم سطحها، وجدد فيها الرخام، فذكر الأزرقيّ عن ابن جريج أن أول من فرشها بالرخام الوليد بن عبد الملك، ووقع في جدارها الشاميّ ترميم في شهور سنة سبعين ومائتين، ثم في شهور سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، ثم في شهور سنة تسع عشرة وستمائة، ثم في سنة ثمانين وستمائة، ثم في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وقد ترادفت الأخبار الآن في وقتنا هذا في سنة اثنتين وعشرين أن جهة الميزاب فيها ما يحتاج إلى ترميم، فاهتم بذلك سلطان الإسلام الملك المؤيد، وأرجو من الله تعالى أن يسهل له ذلك، ثم حججت سنة أربع وعشرين، وتأملت المكان الذي قيل عنه، فلم أجده في تلك البشاعة، وقد رُمِّم ما تشعّث من الحرم في أثناء سنة خمس وعشرين إلى أن نقض سقفها في سنة سبع وعشرين على يدي بعض الجند، فجدد لها سقفًا، ورخم السطح، فلما كان في سنة ثلاث وأربعين صار المطر إذا نزل ينزل إلى داخل الكعبة أشدّ مما كان أولًا فأدّاه رأيه الفاسد إلى نقض السقف مرة أخرى، وسدّ ما كان في السطح من الطاقات التي كان يدخل منها الضوء إلى الكعبة، ولزم من ذلك امتهان الكعبة، بل صار العمال يصعدون فيها بغير أدب، فغار بعض المجاورين، فكتب إلى القاهرة يشكو ذلك، فبلغ السلطان الظاهر، فأنكر أن يكون أمر بذلك، وجهز بعض الجند لكشف ذلك، فتعصب للأول بعض من