الفضل، قال: فيحتمل أن يكون ابن عبّاس سمعه من الفضل، ومن غيره، ثم رواه بغير واسطة. انتهى.
قال الحافظ -رحمه الله-: وإنما رجّح البخاريّ الرواية عن الفضل؛ لأنه كان رِدْف النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حينئذ، وكان عبد الله بن عبّاس قد تقدّم من المزدلفة إلى منى مع الضَّعَفَة.
وأخرج الشيخان من طريق عطاء، عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أردف الفضل، فأخبر الفضل أنه لم يزل يُلبّي حتى رمى الجمرة، فكأنّ الفضل حدّث أخاه بما شاهده في تلك الحالة.
ويَحْتَمِل أن يكون سؤال الخثعميّة وقع بعد رمي جمرة العقبة، فحضره ابن عبّاس، فنقله تارةً عن أخيه؛ لكونه صاحب القصّة، وتارة عما شاهده، ويؤيّد ذلك ما وقع عند الترمذيّ، وأحمد، وابنه عبد الله، والطبريّ، من حديث عليّ ما يدلّ على أن السؤال المذكور وقع عند الْمَنْحَر بعد الفراغ من الرمي، وأن العبّاس كان شاهدًا، ولفظ أحمد عندهم، من طريق عبيد الله بن أبي رافع، عن عليّ -رضي الله عنه- قال: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعرفة، فقال:"هذا الموقف، وعرفة كلها موقف … "، فذكر الحديث، وفيه: ثم أتى الْمَنْحَر، فقال:"هذا المنحر، ومنى كلّها منحر"، قال: واستفتته، وفي رواية ابنه عبد الله: ثم جاءته امرأة شابّةٌ، من خثعم، فقالت: إن أبي شيخ كبيرٌ، قد أفند، وقد أدركته فريضة الله في الحجّ، أفيجزئ عنه أن أؤدّي عنه؟ قال:"نعم، فأدّي عن أبيك"، قال: ولَوَى عنق الفضل، فقال العبّاس: يا رسول الله! لِمَ لويت عنق ابن عمّك؟ قال:"رأيت شابًّا، وشابًّة، فلم آمن عليهما الشيطان".
وظاهر هذا أن العبّاس كان حاضرًا لذلك، فلا مانع أن يكون ابنه عبد الله أيضًا كان معه. انتهى كلام الحافظ -رحمه الله- (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحاصل أن الحديث صحيح من مسند عبد الله بن عباس، ومن مسند الفضل بن عباس -رضي الله عنهم-، لكن كونه من مسند الفضل أرجح كما قال البخاريّ -رحمه الله-؛ لأنه صاحب القصّة، والله تعالى أعلم.