الفضل بن عبّاس يلتفت إليها، وكانت امرأة حسناء، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفضل، فحوّل وجهه من الشقّ الآخر"، وفي رواية: "فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها، وتنظر إليه، فجعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل إلى الشقّ الآخر"، وفي رواية: "وكان الفضل رجلًا وضيئًا، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة، فطفق الفضل ينظر إليها، وأعجبه حسنها"، وفي رواية: "فالتفت النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، والفضل ينظر إليها، فأخلف بيده، فأخذ بذقن الفضل، فدفع وجهه عن النظر إليها"، ووقع في رواية الطبريّ في حديث عليّ: "وكان الفضل غلامًا جميلًا، فإذا جاءت الجارية من هذا الشقّ صرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجه الفضل إلى الشقّ الآخر، فإذا جاءت إلى الشقّ الآخر، صرف وجهه عنه" -وقال في آخره -: "رأيتُ غلامًا وجاريةً، فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان".
(قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ) متعلّقٌ بـ "فريضة"، أو بحال مقدّر (فِي الْحَجِّ) أي: في أمره، وشأنه، ويمكن أن تكون "في" بمعنى "من" البيانيّة. قاله القاري. وفي رواية يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان: "إن أبي أدركه الحجّ" (أَدْرَكَتْ أَبِي) لم يسمّ أيضًا، وهو مفعول "أدركت"، وقوله:(شَيْخًا) منصوب على الحال، أو بدلٌ من "أبي"، وقوله:(كبِيرًا) نعتٌ له، وفي الرواية التالية: "إن أبي شيخٌ كبيرٌ، عليه فريضة الله في الحجّ".
قال السنديّ -رحمه الله-: قوله: "أدركت أبي شيخًا كبيرًا" يفيد أن افتراض الحجّ لا يشترط له القدرة على السفر، وقد قرّر -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فهو يؤيّد أن الاستطاعة المعتبرة في افتراض الحجّ ليست بالبَدن، وإنما هي بالزاد والراحلة، والله تعالى أعلم. انتهى، وسيأتي تحقيق القول في هذا قريبًا، إن شاء الله تعالى.
(لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ) تعني أنه لا يثبت على الدّابّة، ولا يستقرّ؛ لكبر سنّه، والجملة نعت لقوله: "شيخًا"، ويَحْتَمِل أن يكون حالًا أيضًا، فيكون من الأحوال المتداخلة، أو المترادفة.
وفي الرواية التالية: "وهو لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره"، وفي رواية النسائيّ: "لَا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الرَّحْلِ"، وفي رواية يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان عنده: "لا يثبت على راحلته، فإن شددته خشيت أن يموت"، وفي