وقال ابن بطّال رحمه الله: وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم، وضعفه عما رُكِّب فيه من الميل إلى النساء، والإعجاب بهنّ. انتهى.
١١ - (ومنها): أن فيه الردّ على من زعم أن صوت المرأة عورة، فيجوز سماع صوت المرأة الأجنبيّة للأجانب، والاستماع إلى كلامها في الاستفتاء عن العلم، وإفتائها لمن سألها، وعلى هذا جرى الأمر من لدن العهد النبويّ، فكان الصحابة -رضي الله عنهم- يستفتون أمهات المؤمنين -رضي الله عنهنّ- ويسألونهنَّ عن أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك يسألون الصحابيّات، كما كانوا يسألون فاطمة بنت قيس في قصّة المطلّقة، وأسماء بنت عميس في شأن الهجرة، وغير ذلك مما هو في "الصحيحين"، وغيرهما، وكذلك كانت النساء تترافع في الحكم إلى القضاة، ويستفتين العلماء، ويقع لهنّ التعامل بالبيع والشراء، ونحو ذلك، ولم يُنقل في ذلك إنكار عن أحد ممن يُعتبر قوله، فالقول بأن صوت المرأة عورة قول مخالف للأدلّة الشرعيّة. فليتنبّه، والله تعالى أعلم.
١٢ - (ومنها): أن على العالم، والإمام أن يغيّر من المنكر كلّ ما يمكنه بحسب ما يقدر عليه إذا رآه، وليس عليه ذلك فيما غاب عنه.
١٣ - (ومنها): أنه يجب على الإمام أن يَحُول بين الرجال والنساء اللواتي لا يؤمن عليهنّ، ولا منهنّ الفتنة، ومن الخروج، والمشي منهنّ في الحواضر والأسواق، وحيث ينظرن إلى الرجال، وينظر إليهنّ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء"، متّفقٌ عليه.
١٤ - (ومنها): ما قيل: إن فيه دليلًا على أن إحرام المرأة في وجهها، فتكشفه في الإحرام، ورَوَى أحمد، وابن خزيمة من وجه آخر عن ابن عبّاس -رضي الله عنهما-؛ أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال للفضل حين غطّى وجهه يوم عرفة:"هذا يوم من مَلَكَ فيه سمعه، وبصره، ولسانه غُفر له".
١٥ - (ومنها): ما قاله الحافظ أبو عمر رحمه الله: وقد زعم بعض أصحابنا أن في هذا الحديث دليلًا على أن للمرأة أن تحجّ، وإن لم يكن معها ذو محرم؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للمرأة الخثعميّة:"حجي عن أبيك"، ولم يقل: إن كان معك ذو محرم، قال: وهذا ليس بالقويّ من الدليل؛ لأن العلم ما نُطِقَ