وقال ابن بطال -رحمه الله-: في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، ومقتضاه أنه إذا أُمنت الفتنة لم يَمتنع، قال: ويؤيده أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يحوّل وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها؛ لإعجابه بها، فخشي الفتنة عليه. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قول من قيّد بخشية الفتنة هو الظاهر من هذا الحديث؛ لأن الصحابة الآخرين لم ينهاهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن النظر إليها حينما تسأل، فقد كان العبّاس -رضي الله عنه-، وغيره حاضرين ذلك السؤال، فتأمله حقّ التأمل، والله تعالى أعلم.
٧ - (ومنها): ما قيل: إن فيه دليلًا على أن نساء المؤمنين ليس عليهنّ من الحجاب ما يلزم أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- الخثعمية بالاستتار، ولَمَا صَرَف وجه الفضل، قاله ابن بطّال -رحمه الله-.
٨ - (ومنها): قال ابن بطّال أيضًا: وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضًا؛ لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة، ولو رآه الغرباء، وأن قوله:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور: ٣٠] على الوجوب في غير الوجه. انتهى.
وتعقّبه الحافظ: بأن في استدلاله بقصة الخثعمية لِمَا ادّعاه نظر؛ لأنها كانت محرمة. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: وفي تعقّب الحافظ بما قاله نظر؛ إذ كون الخثعميّة في ذلك الوقت محرمة غير محقّق؛ لأن ذلك كما سبق كان في المنحر، بعد أن رجع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من رمي الجمار، فيحتمل أنها تحلّلت، فليُتأمل، والله تعالى أعلم.
٩ - (ومنها): أنه يؤخذ منه التفريق بين الرجال والنساء في خشية الفتنة، حيث إنه -صلى الله عليه وسلم- شدّد في الفضل، ولم يشدّد في المرأة.
١٠ - (ومنها): بيان ما ركّب في الآدميين من شهوات النساء في الرجال، والرجال في النساء، وما يُخاف من النظر إليهنّ، وكان الفضل من أجمل الشبّان في زمانه.