كالرجال، وأن يتفقّهن في الدين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم حجّ الصبيّ:
قال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ -رحمه الله-: أجاز الحجّ بالصبيّ جماعة العلماء بالحجاز، والعراق، والشام، ومصر، وخالفهم في ذلك أهل البدع، فلم يروا الحجّ بهم، وقولهم مهجور عند العلماء؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حجّ بأُغيلمة بني عبد المطّلب، وقال في الصبيّ: له حجّ، وللذي يُحِجّه أجر، وحجّ أبو بكر بابن الزبير في خرقة، وقال عمر: تُكتب للصبيّ حسناته، ولا تكتب عليه السيّئات، وحجّ السلف قديمًا وحديثًا بالصبيان والأطفال، يُعرّضونهم لرحمة الله، وأخرج أبو داود بإسناد صحيح، عن عبد الملك بن الرَّبيع بن سَبْرة، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مُرُوا الصبيّ بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشرًا فاضربوه عليها"، فكما تكون له صلاة، وليست عليه، كذلك له حجّ، وليس عليه.
وأكثر أهل العلم يرون الزكاة في أموال اليتامى، ومحالٌ ألا يؤجروا عليها، فالقلم إنما هو مرفوعٌ عنهم فيما أساءوا في أنفسهم، ألا ترى أن ما أتلفوه من الأموال ضمنوه، وكذلك الدماء، عمدُهم فيها خطأ يؤديه عنهم من يؤديه عن الكبار في خطئهم.
وأجمع العلماء على أن من حجّ صغيرًا قبل البلوغ، أو حُجّ به طفلًا، ثم بلغ، لم يُجزه ذلك عن حجة الإسلام.
وقد شذّت فرقة، فأجازوا له حجه بهذا الحديث، وليس عند أهل العلم بشيء؛ لأن الفرض لا يؤدَّى إلا بعد الوجوب، وهذا ابن عبّاس هو الذي روى هذا الحديث عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو الذي كان يفتي بالصبيّ يحجّ، ثم يَحتلم، قال: يحجّ حجة الإسلام، وفي المملوك يحجّ، ثم يُعتَق، قال: عليه الحجّ، ذكر عبد الرَّزَّاق عن الثوريّ، عن أبي إسحاق، عن أبي السفر، عن ابن عبّاس، وعن ابن عيينة، عن مطرّف، عن ابن عباس مثله، وعن الثوريّ، عن الأعمش، عن أبي ظَبْيان، عن ابن عبّاس مثله.
وعلى هذا جماعة علماء الأمصار، إلا داود بن عليّ، فإنه خالف في