للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بوحي، وأجاب من منع باحتمال أن يكون أوحي إليه ذلك في الحال. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: مسألة اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- ذكرتها في "التحفة المرضيّة" بقولي:

اخْتَلَفُوا هَلِ الرَّسُولُ يَجْتَهِدْ … فَالأَكْثَرُونَ جَوَّزُهُ وَوُجِدْ

وَبَعْضُهُمْ مَنَعَهُ وَالْبَعْضُ فِي … حَرْبٍ رَأَى وَالْبَعْضُ ذُو تَوَقُّفِ

وَالْحَقُّ جَائِزٌ وَوَاقِعٌ فَقَدْ … جَاءَتْ وَقَائِعُ لَهَا قَدِ اجْتَهَدْ

وَالْخُلْفُ فِي خَطَئِهِ وَصُوِّبَا … وُقُوعُهُ بِلَا تَمَادٍ صَاحَبَا

فَاللهُ لَا يُقِرُّهُ عَلَيْهِ بَلْ … يُنْزِلُ وَحْيَهُ إِزَالَةَ الْخَلَلْ

ثُمَّةَ ذَا الْخُلْفُ لأَمْرٍ نُسِبَا … لِلدِّينِ لَا غَيْرُ فَخُذْهُ رَاغِبَا

أَمَّا الأُمُورُ الدُّنْيَوِيَّةُ فَقَدْ … اتَّفَقُوا فِي كَوْنِهِ فِيهَا اجْتَهَدْ

وقال السنديّ -رحمه الله-: قيل: وهذا بظاهره يقتضي أن أمر افتراض الحجّ كلّ عام كان مفوّضًا إليه، حتى لو قال: نعم لحصل، وليس بمستبعد؛ إذ يجوز أن يأمر الله تعالى بالإطلاق، ويفوّض أمر التقييد إلى الذي فوّض إليه البيان، فهو إن أراد أن يبقيه على الإطلاق يبقيه عليه، وإن أراد أن يقيّده بكلّ عام يقيّده به.

ثم فيه إشارة إلى كراهة السؤال في النصوص المطلقة، والتفتيش عن قيودها، بل ينبغي العمل بها على إطلاقها، حتى يظهر فيها قيد، وقد جاء القرآن موافقًا لهذه الكراهة - يعني قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} الآية [المائدة: ١٠١]. انتهى.

وقوله: (لَوَجَبَتْ) أي: هذه العبادة، أو فريضة الحجّ المدلول عليها بقوله: "قد فَرَضَ"، أو الحجّة كلّ عام، أو حجج كثيرة على كلّ أحد (وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ") وفي رواية النسائيّ: "وَلَوْ وَجَبَتْ، مَا قُمْتُمْ بِهَا" أي: ما قدرتم كلّكم على القيام بأدائها في كلّ عام، فتقعون بذلك في حرج عظيم.

(ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("ذَرُونِي) وفي رواية البخاريّ: "دَعُوني" أي: اتركوني من السؤال عن القيود في المطلقات، قال في "القاموس": ذَرْه؛ أي: دَعْه، يَذَرُه تركًا، ولا تقل: وَذْرًا، وأصله وَذِرَهُ يَذَرُهُ، كوَسِعَه يَسَعُهُ، لكن ما نطقوا بماضيه، ولا بمصدره، ولا باسم الفاعل، أو قيل: وَذِرْتُهُ شاذًّا. انتهى.

قال في "الفتح" بعد أن ذكر أن مسلمًا أخرجه مطوّلًا، ما نصّه: وأخرجه