للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما قاله الدارقطنيّ -رَحِمَهُ اللهُ- أن رواية الشيخين لهذا الحديث هي الصحيحة، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٦٣] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ قَزَعَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْبَعًا، فَأَعْجَبْنَنِي، وَآنَقْنَنِي: نَهَى أَنْ تُسَافِرَ الْمَرْأَةُ مَسِيرَةَ يَوْمَيْنِ، إِلَّا وَمَعَهَا زَوْجُهَا، أَوْ ذُو مَحْرَمٍ، وَاقْتَصَّ بَاقِيَ الْحَدِيثِ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) غندر، أبو عبد الله البصريّ، ثقةٌ صحيح الكتاب [٩] (ت ٣ أو ١٩٤) (ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٢.

٢ - (شُعْبَةُ) بن الحجّاج الإمام الحجة المشهور [٧] (ت ١٦٠) (ع) تقدّم في "شرح المقدّمة" جـ ١ ص ٣٨١.

والباقون ذُكروا في الباب.

وقوله: (فَأَعْجَبْنَنِي، وَآنَقْنَنِي) قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللهُ-: معنى "آنقنني": أعجبنني، وإنما كرر المعنى، لاختلاف اللفظ، والعرب تفعل ذلك كثيرًا للبيان والتوكيد، قال الله تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} الآية [البقرة: ١٥٧] والصلاة من الله الرحمة، وقال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} الآية [الأنفال: ٦٩]، والطيب هنا الحلال، ومنه قول الْحُطيئة [من الطويل]:

أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأرْضٌ بِهَا هِنْدٌ … وَهْنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ

وقال آخر [من الوافر]:

يَبْكِيكَ نَاءٍ بَعِيدُ الدَّارِ مُغْتَرِبٌ … يَا لَلْكُهُولِ وَللشُّبَّانِ مُغْتَرِبُ

ومثله في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-: "إذا وقعت في آل حاميم وقعت في روضات أتأنّق فيهنّ"، قال أبو عبيد: أي أتتبع محاسنهنّ، وقال أبو حمزة: معناه: أستلذّ بقراءتهنّ، والأنَقُ: الفرَح والسرور، والشيء الأنيق: العجِبُ،