للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالنون: ويروى بالراء أيضًا، ثم قال: وكلاهما له وجه، قال: ويقال: هو الرجوع من الإيمان إلى الكفر، أو من الطاعة إلى المعصية، ومعناه: الرجوع من شيء إلى شيء من الشرّ، هذا كلام الترمذيّ، وكذا قال غيره من العلماء: معناه بالراء والنون جميعًا: الرجوع من الاستقامة، أو الزيادة إلى النقص، قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة، وهو لَفُّها، وجمْعها، ورواية النون مأخوذة من الْكَوْن مصدرِ كان يكون كونًا: إذا وُجِدَ واستَقَرّ.

وقال المازريّ: في رواية الراء قيل أيضًا: إن معناه أعوذ بك من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا فيها، يقال: كار عمامته: إذا لَفّها، وحارها: إذا نقضها، وقيل: نعوذ بك من أن تفسد أمورنا بعد صلاحها، كفساد العمامة بعد استقامتها على الرأس، وعلى رواية النون قال أبو عبيد: سئل عاصم عن معناه، فقال: ألم تسمع قولهم: حار بعدما كان؟ أي: إنه كان على حالة جميلة، فرجع عنها، والله أعلم. انتهى (١).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "الحور بعد الكور" بالراء، هكذا رواية العذريّ وابن الحذاء، ومعناه: الزيادة والنقصان، وقيل: الخروج من الجماعة بعد أن كان فيها، يقال: كار عمامته: أي: لفَّها، وحارها؛ أي: نقضها، وقيل: الفساد بعد الصلاح، وقيل: القلَّة بعد الكثرة، وقيل: الرّجوع من الجميل إلى القبيح.

ورواه الفارسيّ وابن سعيد -وهو المعروف من رواية عاصم الأحول-: "بعد الكون" بالنون، قال أبو عبيد: سئل عاصم عن معناه، فقال: ألم تسمع إلى قولهم: حار بعدما كانَ؟ يقول: إنه كان على حالة جميلة فحار عن ذلك؛ أي: رجع، قال أبو إسحاق الحربي: يُقال: إن عاصمًا وَهِمَ فيه، وصوابه: "الكور" بالراء، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال في "المرعاة": قوله: "من الحور بعد الكون" بالنون مصدر كان يكون كونًا، من كان التامة، دون الناقصة، يعني من النقصان والتغير بعد الثبات والاستقرار، وقيل: معناه الرجوع عن الحالة المستحسنة بعد أن كان عليها،


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١١١ - ١١٢.
(٢) "المفهم" ٣/ ٤٥٥.