للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مِنَ الْجُيُوشِ) بالضمّ: جمع جيش، وهو العسكر العظيم (١)، وقال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: "الجيش" هو: الجند، أو السائرون لحرب، أو غيرها. انتهى (٢). (أَو السَّرَايَا) بالفتح: جمع سَرِيّة، وهي قطعة من الجيش، فَعِيلة بمعنى فاعلة؛ لأنها تسري في خُفية، وتُجمع أيضًا على سَرِيّات، مثلُ عطيّة وعطيّات (٣)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "خير الصحابة أربعةٌ، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولا تهزم اثنا عشر ألفًا من قلة" (٤).

(أَو الْحَجِّ، أَو الْعُمْرَةِ) كأنه قصد استيعاب أنواع سفره -صلى الله عليه وسلم- ببيان أنه لا يخرج عن هذه الثلاثة، هي الغزو، والحجّ، والعمرة، وإلا فظاهره اختصاص ذلك بهذه الأمور، وليس الحكم كذلك عند الجمهور، بل يُشرَع قول ذلك في كل سفر، إذا كان سفر طاعة، كصِلَة الرحم، وطلب العلم؛ لما يشمل الجميع من اسم الطاعة، وقيل: يتعدى أيضًا إلى المباح؛ لأن المسافر فيه لا ثواب له، فلا يمتنع عليه فعل ما يحصل له الثواب، وقيل: يشرع في سفر المعصية أيضًا؛ لأن مرتكبها أحوج إلى تحصيل الثواب من غيره، وهذا التعليل مُتَعَقَّبٌ؛ لأن الذي يخصه بسفر الطاعة، لا يمنع من سافر في مباح، ولا في معصية من الإكثار من ذكر الله، وإنما النزاع في خصوص هذا الذكر في هذا الوقت المخصوص، فذهب قوم إلى الاختصاص؛ لكونها عبادات مخصوصة، شُرع لها ذكر مخصوص، فتختص به؛ كالذكر المأثور عقب الأذان، وعقب الصلاة، وإنما اقتصر الصحابيّ على الثلاث؛ لانحصار سفر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- فيها (٥).

(إِذَا أَوْفَى) أي: ارتفع، أو أقبل وأطلّ (عَلَى ثَنِيَّةٍ) بمثلّثة، ثم نون، ثم تحتانيّة ثقيلة: هي العقبة، وقال القرطبيّ: "الثنيّة" هي: الهضبة، وهي الكوم دون الجبل (٦). (أَوْ فَدْفَدٍ) -بفتح الفاء، بعدها دال مهملة، ثم فاء، ثمّ دالٌ-


(١) "المفهم" ٣/ ٤٥٦.
(٢) "القاموس المحيط" ٢/ ٢٦٦.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٧٥.
(٤) حديث صحيح، أخرجه أبو داود (٢٦١١)، والترمذيّ (١٥٥٥)، وابن ماجه (٢٧٢٨).
(٥) راجع: "الفتح" ١٤/ ٤٢٦ "كتاب الدعوات" رقم (٦٣٨٥).
(٦) "المفهم" ٣/ ٤٥٦.