للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جبريل؛ في منامه، وفي رواية البخاريّ: "أنه أُري وهو في مُعَرَّسٍ بذي الحليفة" (وَهُوَ فِي مُعَرَّسِهِ) جملة في محلّ نصب على الحال من النائب عن الفاعل.

و"الْمُعَرَّسُ" -بضمّ الميم، وفتح العين المهملة، وتشديد الراء المفتوحة، ثم سين مهملة- بصيغة اسم المفعول: موضع نزول المسافر للاستراحة، وهو هنا موضع تعريس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بذي الحليفة، قال السيوطيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "شرحه على النسائيّ": هو على ستة أميال من المدينة. انتهى.

والمراد بـ "المعرّس" هو وادي العقيق المذكور فيما أخرجه البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ-، عن عمر -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوادي العقيق يقول: "أتاني الليلة آتٍ من ربّي، فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقُلْ: عمرةٌ في حجة".

قال في "الفتح": هو بقرب المدينة، بينه وبين المدينة أربعة أميال، روى الزبير بن بكّار في "أخبار المدينة" أنّ تُبّعًا لَمّا رجع من المدينة انحدر في مكان، فقال: هذا عقيق الأرض، فسمّي العقيق. انتهى (١).

وقوله: (مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ) بيان لـ"المعرّس"، فهو متعلّق بحال مقدّر؛ أي: حال كونه كائنًا من ذي الحليفة، وقوله: (فِي بَطْنِ الْوَادِي) متعلّق أيضًا بحال مقدّر؛ أي: حال كونه كائنًا في بطن الوادي (فَقِيلَ) أي: قال له الملك الآتي (إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ) "البطحاء" تأنيث الأبطح، وهو مَسِيلٌ واسعٌ فيه دُقاق الحصى، أفاده في "القاموس".

وفي حديث عمر -رضي الله عنه- المذكور: "فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة".

وفي الحديث فضلُ العقيق، كفضل المدينة، وفضل الصلاة فيه، وفيه استحباب نزول الحاجّ في منزلة قريبة من البلد، ومبيتهم بها؛ ليجتمع إليهم من تأخر عنهم ممن أراد مرافقتهم، وليستدرك حاجته من نسيها مثلًا، فيرجع إليها من قريب. انتهى (٢).


(١) "الفتح" ٤/ ٤٠٧.
(٢) "الفتح" ٤/ ٤٠٨.