للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ورَوَى الترمذيّ من حديث مِقْسَم، عن ابن عباس مثله مطوَّلًا، وعند الطبرانيّ من حديث أبي رافع نحوه، لكن قال: "فأتاه جبريل، فقال: إنه لن يؤديها عنك إلا أنت، أو رجل منك".

ورَوَى الترمذيّ، وحسنه، وأحمد من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: بعث النبيّ -صلى الله عليه وسلم- براءة مع أبي بكر، ثم دعا عليًّا فأعطاها إياه، وقال: "لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي"، وهذا يوضح قوله في الحديث الآخر: "لا يبلغ عني"، ويُعْرَف منه أن المراد خصوص القصة المذكورة، لا مطلق التبليغ.

ورَوَى سعيد بن منصور، والترمذيّ، والنسائيّ، والطبريّ من طريق أبي إسحاق، عن زيد بن يُثَيع، قال: سألت عليًّا: بأيّ شيء بُعِثت؟ قال: بـ "أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحج بعد عامهم هذا، ومن كان له عهدٌ فعهده إلى مُدَّته، ومن لم يكن له عهدٌ فأربعة أشهر".

واستُدِلّ بهذا الكلام الأخير على أن قوله تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: ٢]، يَختصّ بمن لم يكن له عهد مؤقت، أو لم يكن له عهد أصلًا، وأما من له عهد مؤقت فهو إلى مدته، فروى الطبريّ من طريق ابن إسحاق قال: هم صنفان: صنفٌ كان له عهد دون أربعة أشهر، فأُمهل إلى تمام أربعة أشهر، وصنفٌ كانت له مدة عهده بغير أجل، فقُصِرت على أربعة أشهر.

وروى أيضًا من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، أن الأربعة الأشهر أجلُ من كان له عهدٌ مؤقت بقدرها، أو يزيد عليها، وأما من ليس له عهد فانقضاؤه إلى سلخ المحرم؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥]، ومن طريق عَبِيدة بن سلمان، سمعت الضحاك؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاهد ناسًا من المشركين من أهل مكة وغيرهم، فنزلت براءة، فنَبَذَ إلى كل أحد عهده، وأجَّلهم أربعة أشهر، ومن لا عهد له، فأجله انقضاء الأشهر الحرم، ومن طريق السُّدّيّ نحوه، ومن طريق معمر، عن الزهريّ قال: كان أول الأربعة أشهر عند نزول براءة في شوال، فكان آخرها آخر المحرم، فبذلك يُجْمَع بين ذكر الأربعة أشهر، وبين قوله: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}.