يا رسول الله، نزل فيّ شيء؟ فقال:"لا، إلا أنه لن يؤدي"، أو "لكن جبريل قال: لا يؤدي عنك إلا أنت، أو رجل منك".
قال العماد بن كثير: ليس المراد أن أبا بكر رجع من فوره، بل المراد رجع من حجته.
قال الحافظ: ولا مانع من حمله على ظاهره؛ لقرب المسافة، وأما قوله: عشر آيات، فالمراد أولها:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة: ٢٨](١).
[تنبيه]: وقع في رواية شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ قوله:"فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام، فلم يحج عام حجة الوداع التي حج فيها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مشرك". انتهى.
قال الحافظ: وسياق رواية شعيب يوهم أن ذلك مما نادى به أبو بكر، وليس كذلك، فقد تضافرت الروايات عن أبي هريرة بأن الذي كان ينادي به هو ومن معه مِن قِبَل أبي بكر شيئان: منع حج المشركين، ومنع طواف العريان، وأن عليًّا أيضًا كان ينادي بهما، وكان يزيد:"من كان له عهد فعهده إلى مدّته، وأن لا يدخل الجنة إلا مسلم"، وكأن هذه الأخيرة كالتوطئة؛ لأن لا يحج البيت مشرك، وأما التي قبلها فهي التي اختَصَّ عليّ بتبليغها، ولهذا قال العلماء: إن الحكمة في إرسال عليّ بعد أبي بكر أن عادة العرب جَرَت بأن لا ينقض العهد إلا من عقده، أو من هو منه بسبيل من أهل بيته، فأجراهم في ذلك على عادتهم، ولهذا قال:"لا يبلّغ عني إلا أنا، أو رجل من أهل بيتي".
وروى أحمد، والنسائيّ من طريق مُحَرّر بن أبي هريرة، عن أبيه، قال: كنت مع عليّ حين بعثه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة بـ "براءة"، فكنا ننادي:"أن لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عهد، فأجله أربعة أشهر، فإذا مضت فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج بعد العام مشرك"، فكنت أنادي حتى صَحِلَ صوتي.
[تنبيه آخر]: اتفقت الروايات على أن حجة أبي بكر كانت سنة تسع، ووقع في حديث لعبد الرزاق، عن معمر، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيِّب،