في "الكبرى"(٤/ ٣٤٣ و ٥/ ٢٦١) و"المعرفة"(٣/ ٤٩٧)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): وهو بيان فضل الحجّ المبرور.
٢ - (ومنها): بيان فضل المتابعة بين العمرتين.
٣ - (ومنها): مشروعية الاستكثار من الاعتمار؛ خلافًا لقول من قال: يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرّة؛ كالمالكيّة، ولمن قال: مرّة في الشهر، من غيرهم، وسيأتي الكلام عليه في المسألة التالية -إن شاء الله تعالى-.
٤ - (ومنها): أن فيه إشارة إلى جواز الاعتمار قبل الحجّ، وقد ترجم الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- على ذلك، فقال:"باب من اعتمر قبل الحجّ"، ثم أورد في الباب حديث أن عكرمة بن خالد سأل ابن عمر -رضي الله عنهما- عن العمرة قبل الحجّ؟ فقال: لا بأس، اعتمر النبيّ قبل أن يحجّ. انتهى.
وأخرج الإمام أحمد، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق قال: حدثنا عكرمة بن خالد بن العاصي المخزوميّ، قال: قَدِمت المدينة في نَفَر من أهل مكة، فلقيت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا لم نَحُجّ قط، أفنعتمر من المدينة؟ قال: نعم، وما يمنعكم من ذلك؟ فقد اعتمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عُمَره كلها قبل حجه، قال: فاعتمرنا.
قال ابن بطال -رَحِمَهُ اللهُ-: هذا يدلّ على أن فرض الحجّ كان قد نزل على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قبل اعتماره، ويتفرّع عليه، هل الحج على الفور أو التراخي؟ وهذا يدلّ على أنه على التراخي، قال: وكذلك أمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابه بفسخ الحجّ إلى العمرة دالّ على ذلك. انتهى.
قال الحافظ: وقد نوزع في ذلك؛ إذ لا يلزم من صحة تقديم أحد النسكين على الآخر نفي الفورية فيه. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: في هذا التعقّب نظر لا يخفى؛ إذ ما ذكره ابن بطّال -رَحِمَهُ اللهُ- من الاستدلال بما ذُكر على عدم الفوريّة واضح لا خفاء فيه، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): أن جعل العمرة مكفّرةً، والحجّ جزاءه الجنّة يقتضي أن الحجّ أكمل من العمرة.