للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (ومنها): ما قاله الإمام ابن القيّم -رَحِمَهُ اللهُ-: في الحديث دليل على التفريق بين الحجّ والعمرة في التكرار، إذ لو كانت العمرة كالحجّ لا يُفعَل في السنة إلا مرّة لسوّى بينهما، ولم يفرّق. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم العمرة:

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: اختَلَف العلماء في وجوب العمرة، فمذهب الشافعيّ، والجمهور أنها واجبة، وممن قال به: عمر، وابن عمر، وابن عباس، وطاوس، وعطاء، وابن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن البصريّ، ومسروق، وابن سيرين، والشعبيّ، وأبو بردة بن أبي موسى، وعبد الله بن شداد، والثوريّ، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وداود.

وقال مالك، وأبو حنيفة، وأبو ثور: هي سنةٌ، وليست واجبة، وحُكِي أيضًا عن النخعيّ. انتهى (١).

وقال الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "صحيحه": "باب وجوب العمرة، وفضلها".

قال في "الفتح": وجزم المصنف بوجوب العمرة، وهو متابعٌ في ذلك للمشهور عن الشافعيّ، وأحمد، وغيرهما، من أهل الأثر، والمشهور عن المالكية أن العمرة تطوّعٌ، وهو قول الحنفية.

واستدلوا بما رواه الحجاج بن أرطاة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر -رضي الله عنه-: أَتَى أعرابيّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله أخبرني عن العمرة، أواجبة هي؟ فقال: "لا، وأَن تعتمر خير لك"، أخرجه الترمذيّ، والحجاج ضعيف.

وقد رَوَى ابن لهيعة، عن عطاء، عن جابر، مرفوعًا: "الحج والعمرة فريضتان"، أخرجه ابن عديّ، وابن لهيعة ضعيف، ولا يثبت في هذا الباب عن جابر شيء، بل رَوَى ابن الجهم المالكيّ بإسناد حسن عن جابر -رضي الله عنه-: "ليس مسلم إلا عليه عمرة"، موقوفٌ على جابر -رضي الله عنه-.


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١١٨.