وقال بظاهره: ابن عمر، ومجاهد، وعطاء، قال عبد الرزاق عن ابن جريج: كان عطاء يَنْهَى عن الكراء في الحرم، فأخبرني أن عمر نَهَى أن تُبَوَّب دُور مكة؛ لأنها ينزل الحاج في عرصاتها، فكان أول من بَوَّب داره سهيل بن عمرو، واعتَذَر عن ذلك لعمر.
وروى الطحاويّ من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، أنه قال: مكة مباح لا يحل بيع رباعها، ولا إجارة بيوتها.
وروى عبد الرزاق، من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر: لا يحل بيع بيوت مكة، ولا إجارتها.
وبه قال الثوريّ، وأبو حنيفة، وخالفه صاحبه أبو يوسف، واختُلِف عن محمد، وبالجواز قال الجمهور، واختاره الطحاويّ.
ويجاب عن حديث علقمة على تقدير صحته بِحمله على ما سيُجمع به ما اختُلف عن عمر في ذلك.
واحتَجّ الشافعيّ بحديث أسامة المذكور في هذا الباب، قال الشافعيّ: فأضاف الملك إليه، وإلى من ابتاعها منه، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح:"من دخل دار أبي سفيان، فهو آمن"، فأضاف الدار إليه.
واحتَجّ ابنُ خزيمة بقوله تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} الآية [الحشر: ٨]، فنَسب الله الديار إليهم، كما نسب الأموال إليهم، ولو كانت الديار ليست بملك لهم لما كانوا مظلومين في الإخراج من دُور ليست بملك لهم، قال: ولو كانت الدور التي باعها عَقِيل لا تُملك لكان جعفر وعليّ أولى بها؛ إذ كانا مسلمين دونه.
وثبت أن عمر اشترى دارًا للسجن بمكة، ولا يعارض ما جاء عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أنه كان ينهى أن تُغْلَق دُور مكة في زمن الحج، أخرجه عبد بن حميد، وقال عبد الرزاق، عن معمر، عن منصور، عن مجاهد: أن عمر قال: يا أهل مكة لا تتخذوا لدُوركم أبوابًا؛ لينزل البادي حيث شاء.
ويُجمع بينهما بكراهة الكراء رفقًا بالوفود، ولا يلزم من ذلك منع البيع والشراء، وإلى هذا جنح الإمام أحمد، وآخرون، واختُلف عن مالك في ذلك،