للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن طواف الوداع عبادة مستقلة، ليست من مناسك الحجّ، وهو أصح الوجهين في مذهب الشافعيّ؛ لقوله في هذا الحديث: "بعد قضاء نسكه"؛ لأن طواف الوداع لا إقامة بعده، ومتى أقام بعده خرج عن كونه طواف الوداع، وقد سماه قبله قاضيًا لمناسكه، فخرج طواف الوداع عن أن يكون من مناسك الحج، قاله في "الفتح" (١)، وهو بحث مفيدٌ جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رحمه الله- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٢٩٩] ( … ) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، يَقُولُ لِجُلَسَائِهِ: مَا سَمِعْتُمْ فِي سُكْنَى مَكَّةَ؟ فَقَالَ السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ، أَوْ قَالَ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (يَحْيَى بْنُ يَحْيَى) تقدّم قبل باب.

٢ - (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) تقدّم أيضًا قبل باب.

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ) أي: بعد فراغه من أعمال الحجّ، وأصل النُّسُك بضمتين: العبادة، والمراد هنا أفعال الحج، يقال: نسك لله ينسُك، من باب قتل: تطوَّع بقُربة، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: ١٦٢]، ومناسك الحج: عباداته، وقيل: مواضع العبادات، أفاده الفيوميّ (٢).

وقوله: (ثَلَاثًا) أي: ثلاثة أيام بلياليها، وذَكَّر العدد؛ لكون التمييز محذوفًا، كما تقدم.


(١) "الفتح" ٨/ ٧٢٧ "كتاب مناقب الأنصار" رقم (٣٩٣٣).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٠٣ - ٦٠٤.