للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فأما الأول: ففي قوله تعالى: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣)} [التين: ٣] قال ابن عباس: يعني مكة.

وأما الثاني: ففي قوله تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ} [النمل: ٩٣] قال الواحديّ في "الوسيط": هي مكة.

وأما الثالث: ففي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: ٨٥] قال ابن عباس: إلى مكة.

قال التقيّ الفاسيّ بعد ذكر هذه الأسماء الثمانية: فهذه ثمانية أسماء لمكة مأخوذة من القرآن العظيم، ولم يذكر المحبّ الطبريّ من أسمائها المأخوذة من القرآن إلا خمسة؛ لأنه قال: سَمَّى الله تعالى مكة بخمسة أسماء: بكة، ومكة، والبلد، والقرية، وأم القرى. انتهى.

وأما حرم مكة فهو ما أحاطها، وأطاف بها من جوانبها، جعل الله تعالى له حكمها في الحرمة تشريفًا لها، وسُمِّي حرمًا؛ لتحريم الله تعالى فيه كثيرًا مما ليس بمحرَّم في غيره من المواضع، وحدّه من طريق المدينة عند التنعيم على ثلاثة أميال من مكة، وقيل: أربعة، وقيل: خمسة، ومن طريق اليمن طَرَف أضاة لبن، على ستة أميال من مكة، وقيل: سبعة، ومن طريق الجعرانة على تسعة أميال -بتقديم المثناة الفوقية على السين- ومن طريق الطائف على عرفات، من بطن نمرة سبعة أميال -بتقديم السين على الباء- وقيل: ثمانية، ومن طريق جُدّة عشرة أميال.

وقال الرافعيّ: هو من طريق المدينة على ثلاثة أميال، ومن العراق على سبعة، ومن الجعرانة على تسعة، ومن الطائف على سبعة، ومن جُدّة على عشرة، والسبب في بُعْد بعض الحدود وقرب بعضها ما قيل: إن الله تعالى لما أَهبَط على آدم -عليه السلام- بيتًا من ياقوتة، أضاء لهم ما بين المشرق والمغرب، فنفرت الجنّ والشياطين؛ ليقربوا منها، فاستعاذ منهم بالله، وخاف على نفسه منهم، فبعث الله ملائكة، فحَفّوا بمكة من كل جانب، ووقفوا مكان الحرم؛ أي: في موضع أنصاب الحرم، يحرُسون آدم، فصار حدود الحرم موضع وقوف الملائكة، وقيل: إن الخليل؛ لما وضع الحجر الأسود في الركن حين بنى