للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه ابن عبّاس -رضي الله عنهما- من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة روى (١٦٩٦) حديثًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ) قال في "الفتح": كذا رواه منصور موصولًا، وخالفه الأعمش، فرواه عن مجاهد، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مرسلًا، أخرجه سعيد بن منصور، عن أبي معاوية، عنه. وأخرجه أيضًا عن سفيان، عن داود بن شابور، عن مجاهد، مرسلًا، ومنصور ثقة حافظ، فالحكم لوصله. انتهى (١).

(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْفَتْحِ) ظرف متعلّق بـ"قال"، وقوله: (فَتْحِ مَكَّةَ) بالجرّ بدلًا عن "الفتح" ("لَا هِجْرَةَ) أَي: بعد الفتح، وأفصح بذلك في بعض الروايات؛ أي: لا هجرة من مكة إلى المدينة مفروضة بعد الفتح، كما كانت قبله، وقد عقد البخاريّ في أواخر الجهاد: "باب لا هجرة بعد الفتح قال الحافظ: أي: بعد فتح مكة، أو المراد ما هو أعمّ من ذلك؛ إشارةً إلى أن حُكم غير مكة في ذلك حكمها، فلا تجب الهجرة من بلد قد فتحه المسلمون، أما قبل فتح البلد فمَن به من المسلمين أحد ثلاثة:

الأول: قادر على الهجرة منها، لا يمكنه إظهار دينه بها، ولا أداء واجباته، فالهجرة منه واجبة.

الثاني: قادرٌ لكنه يمكنه إظهار دينه، وأداء واجباته، فمستحبة؛ لتكثير المسلمين، ومعونتهم، وجهاد الكفار، والأمن من غدرهم، والراحة من رؤية المنكر بينهم.

الثالث: عاجز بعذر من أَسْرٍ، أو مرض، أو غيره فتجوز له الإقامة، فإن حَمَل على نفسه، وتكلّف الخروج منها أُجِر. انتهى.

وقال التوربشتيّ -رحمه الله-: قوله: "لا هجرة" كانت الهجرة إلى المدينة بعد أن هاجر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرضًا على المؤمن المستطيع؛ ليكون في سعة من أمر دينه، فلا يمنعه عنه مانع، ولينصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إعلاء كلمة الله، وإظهار


(١) "الفتح" ٥/ ١١٩.