في قطع الشجر، وقال الطبريّ: أصله من عَضَدَ الرجل: إذا أصابه بسوء في عضده، ووقع في رواية لعمر بن شبّة بلفظ:"لا يخضد" بالخاء المعجمة بدل العين المهملة، وهو راجع إلى معناه، فإن أصل الخضد الكسر، ويستعمل في القطع.
(شوكه) وقال القاري: قوله: "ولا يُعضد شوكه"؛ أي: ولو حصل التأذي به، وأما قول بعض الشافعية: إنه يجوز قطع الشوك المؤذي، فمخالف لإطلاق النصّ، ولذا جرى جمع من متأخريهم على حرمة قطعه مطلقًا، وصححه النوويّ في "شرح مسلم"، واختاره في عدّة كتبه. انتهى.
وقال الخطابي في "المعالم": أما الشوك فلا بأس بقطعه؛ لما فيه من الضرر، وعدم النفع، ولا بأس بأن يُنتفع بحطام الشجر، وما بلي منه. انتهى.
وقال الحافظ: وأجازوا -أي: الشافعية- قطع الشوك؛ لكونه يؤذي بطبعه، فأشبه الفواسق، ومنعه الجمهور؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- هذا، وصححه المتولي من الشافعية، وأجابوا بأن القياس المذكور في مقابلة النصّ فلا يعتبر به، حتى ولو لم يرد النصّ على تحريم الشوك لكان في تحريم قطع الشجر -كما في حديث أبي شُريح -رضي الله عنه- الآتي- دليل على تحريم قطع الشوك؛ لأن غالب شجر الحرم كذلك، ولقيام الفارق أيضًا، فإن الفواسق المذكورة تَقْصِد بالأذى، بخلاف الشجر.
وقال ابن قدامة: ولا بأس بالانتفاع بما انكسر من الأغصان، وانقطع من الشجر، بغير صنع آدميّ، ولا بما يسقط من الورق، نَصّ عليه أحمد، ولا نعلم فيه خلافًا. انتهى.
(وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ) بضم أوله، وتشديد الفاء المفتوحة، مبنيًّا للمفعول؛ أي: لا يصاح عليه، فينفر، وقال سفيان بن عيينة: معناه أن يكون في ظلّ الشجرة، فلا ينفّر ليجلس مكانه، ويستظلّ.
قال الطبريّ: لا خلاف أنه لو نفّره، وسَلِم فلا جزاء عليه، لكنه يأثم بارتكابه النهي، فلو أتلفه، أو تلف بتنفيره وجب جزاؤه.
وقال النوويّ: يحرم التنفير، وهو الإزعاج عن موضعه، فإن نفّره عصى، سواء تلف، أو لا، فان تلف في نفاره قبل سكونه ضمن، وإلا فلا.