للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَمْ يَحِلَّ) أي: القتال (لِي إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ) أي: مقدارًا من الزمان، وهو ما بين طلوع الشمس وصلاة العصر، وقد ورد عند أحمد، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه: "لَمّا فُتحت مكة قال: كُفّوا السلاح، إلا خُزاعة عن بني بكر، فأَذِن لهم حتى صلى العصر، ثم قال: كُفّوا السلاح، فلقي رجل من خزاعة رجلًا من بني بكر من غد بالمزدلفة فقتله، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام خطيبًا، فقال: ورأيته مسندًا ظهره إلى الكعبة … " فذكر الحديث.

ويستفاد منه أن قتْل من أذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في قتلهم، كابن خَطَل وقع في الوقت الذي أبيح للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه القتال خلافًا لمن حَمَل قوله: "ساعة من نهار" على ظاهره، فاحتاج إلى الجواب عن قصة ابن خطل، كذا في "الفتح".

وقال القاري: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولم يَحل لي إلا ساعة من نهار"؛ أي: أُحل لي ساعة إراقة الدم، دون الصيد، وقطع الشجر.

وقال الخطابيّ: قيل: إنما أُحلت له في تلك الساعة إراقة الدم دون الصيد، وقطع الشجر، وسائر ما حُرِّم على الناس منه. انتهى.

وقال الطبريّ: ويَحْتَمِل العموم، فإن انتشار العسكر لا يخلو من تنفير صيد، ودوس خَلًا، وقطعه، وغير ذلك، والعمد والخطأ فيه سواء، وقال أيضًا: يَحْتَمِل أن يكون المراد جميع ما حُرِّم فيه من تنفير الصيد، واختلاء الخلا، وعضد الشجر؛ لأن ذلك من لوازم انتشار العسكر غالبًا، فالصيد ينفر بذلك، والدواب يُختلى لها، ويُخبط، فحصوله وإن كان تبعًا وضمنًا، لكنه لما كان معلومًا بالضرورة كان كالمباشر. انتهى.

(فَهُوَ) أي: البلد (حَرَامٌ) أي: على كلّ أحد بعد تلك الساعة (بِحُرْمَةِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) أي: بتحريمه المؤبّد إلى قيام الساعة.

(لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: لا يقطع، والعضد: القطع، يقال: عضدت الشجرة أَعضِدها بالكسر عضدًا، من باب ضرب: قطعتها، وفي حديث أبي شُرَيح: "ولا يعضدُ بها شجر" قال ابن الجوزيّ: أصحاب الحديث يقولون: "يعضد" بضم الضاد، وقال لنا ابن الخشّاب: هو بكسرها، والمعضد بكسر أوله: الآلة التي يقطع بها، قال الخليل: المعضد: الممتهن من السيوف