للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، سوى شيخيه، فالأول ما أخرج له الترمذيّ، والثاني تفرّد به هو والبخاريّ، والنسائيّ.

٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالتحديث من أوله إلى آخره.

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - رأس المكثرين.

شرح الحديث:

عن أبي سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف أنه قال: (حَدَّثَني أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (قَالَ: لَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مَكَةَ، قَامَ فِي النَّاسِ) ظاهره أن الخطبة وقعت عقيب الفتح، وليس كذلك، بل وقعت بعد الفتح عقب قتل رجل من خُزاعة رجلًا من بني ليث، والدليل على ذلك ما في الرواية التالية من طريق شيبان النحويّ، عن يحيى بن أبي كثير: "إن خُزاعة قتلوا رجلًا من بني ليث عام فتح مكة بقتيل منهم قتلوه، فأُخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرَكِب راحلته، فخطب، فقال: إن الله حبس عن مكة الفيل، وسلّط عليها رسوله والمؤمنين … " الحديث.

(فَحَمِدَ اللهَ، وَأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللهَ حَبَسَ) أي: منع (عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ) -بالفاء المكسورة، وسكون الياء، آخر الحروف- وهو الحيوان المشهور الذي ذكره الله تعالى في قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (١)} [الفيل: ١]، فأرسل الله تعالى على أصحابه طيرًا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، حين وصلوا إلى بطن الوادي بالقرب من مكة (١).

وفي رواية البخاريّ: "إن الله حبس عن مكة القتل، أو الفيل" بالشكّ، الأول بالقاف، والتاء المثناة من فوقُ، وقال الكرمانيّ: ما يدلّ عليه أنه رُوي: والفتك أيضًا بالفاء والكاف، وفسَّره بسفك الدم، وله وجه إن ساعدته الرواية، قاله في "العمدة" (٢).

وقال في "الفتح": المراد بحبس الفيل حبس أهل الفيل، وأشار بذلك


(١) "عمدة القاري" ٢/ ١٦٥.
(٢) "عمدة القاري" ٢/ ١٦٥.