للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى القصة المشهورة للحبشة في غزوهم مكة، ومعهم الفيل، فمنعها الله منهم، وسلّط عليهم الطير الأبابيل، مع كون أهل مكة إذ ذاك كانوا كفّارًا، فحرمة أهلها بعد الإسلام آكد، لكن غزو النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إياها مخصوص به على ظاهر هذا الحديث وغيره (١).

(وَسَلَّطَ عَلَيْهَا) أي: على مكة؛ أي: على أهلها الكفّار (رَسُولَهُ) - صلى الله عليه وسلم - (وَالْمُؤْمِنِينَ) أي: الصحابة الذين غزوها معه - صلى الله عليه وسلم - (وَإِنَّهَا لَنْ تَحِل لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي) أي: من الأنبياء وغيرهم، زاد في الرواية التالية: "ولن تحلّ لأحد بعدي" (وَإنَّهَا أُحِلَتْ لِي سَاعَة مِنْ نَهَارٍ) معنى إحلال مكة: إحلال القتل فيها (وَإِنَّهَا لَنْ تَحِل لِأَحَدٍ بَعْدِي، فَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا) بتشديد الفاء، مبنيًّا للمفعول؛ أي: لا يُهاج عن حاله، ولا يُتعرّض له، قال عكرمة: هو أن يُنَحّيه من الظلّ إلى الشمس (٢)، وقد تقدّم فيه القول مستوفًى.

(وَلَا يُخْتَلَى) بالبناء للمفعول أيضًا، وهو: بالخاء المعجمة؛ أي: لا يُجَزّ، ولا يُقْطَع، قال الجوهريّ: تقول: خَلَيت الخلا، واختليته؛ أي: جَزَزته، وقطعته، فاختَلَى، والْمِخْلَى ما يُجَزّ به الخلا، والْمِخلاة: ما يجعل فيه الخلاء، وقال ابن السكيت: خَلَيت دابتي أَخليها: إذا جَزَزت لها الخلا، والسيف يَختلِي؛ أي: يَقْطَع، والمختلون، والخالون: الذين يختلون الخلاء، ويقطعونه، واختَلَت الأرضُ؛ أي: كثر خَلاها.

و"الْخَلا" مقصورًا: الرَّطْب من الحشيش، الواحدة خلاة، وفي بعض الطرق: "ولا يُعْضَد شوكُها"، "ولا يُخْبَط شوكها"، ومعنى الجميع متقارب (٣).

(شَوْكُهَا) جمع الشوكة، وشجر شائك، وشوك، وشاك، وقال ابن السّكِّيت: يقال: هذه شجرة شاكة؛ أي: كثيرة الشوك.

وقال في "الفتح": قوله: "لا يُختلى شوكها" بالخاء المعجمة؛ أي: لا يُحصَد، يقال: اختليته: إذا قطعته، وذكرُ الشوك دالّ على منع قطع غيره من باب أولى. انتهى (٤).


(١) "الفتح" ١/ ٣٦٠ - ٣٦١.
(٢) "المفهم" ٣/ ٤٧١.
(٣) "عمدة القاري" ٢/ ١٦٤.
(٤) "الفتح" ١/ ٣٦١.