للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوليّ بالخيار بين أخذ الدية وبين القتل، وأن له إجبار الجاني على أي الأمرين شاءَ وليُّ القتيل، وبه قال سعيد بن المسيِّب، وابن سيرين، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وقال مالك: ليس للوليّ إلا القتل، أو العفو، وليس له الدية، إلا برضى الجاني، وهذا خلاف نَصّ هذا الحديث.

قال: وفيه أيضًا دلالة لمن يقول: القاتل عمدًا يجب عليه أحد الأمرين: القصاص، أو الدية، وهو أحد القولين للشافعيّ، والثاني أن الواجب القصاص، لا غير، وإنما تجب الدية بالاختيار، وتظهر فائدة الخلاف في صُوَرٍ: منها: أَبُو عفا الوليّ عن القصاص إن قلنا: الواجب أحد الأمرين، سقط القصاص، ووجبت الدية، وإن قلنا: الواجب القصاص بعينه، لم يجب قصاص، ولا دية، وهذا الحديث محمول على القتل عمدًا، فإنه لا يجب القصاص في غير العمد. انتهى (١).

(إِمَّا أَنْ يُفْدَى) بالبناء للمفعول؛ أي: يُعطى الفدية، وهي الدية، كما الرواية الأخرى (وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلَ") بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: يُقتل القاتل قصاصًا.

وفي رواية للبخاريّ: "إما أن يُعْقَل"، من العَقْل، وهو الدية، "وإما أن يقاد أهل القتيل" بالقاف؛ أي: يقتص، ووقع في "سنن أبي داود": "إما أن ياخذوا العقل، أو يقتلوا"، وهي أبين الروايات، فقوله: "أو يقتلوا" مفسران لسائر الروايات.

وقال القاضي عياض -رحمه الله-: وقع هنا؛ أي: عند البخاريّ في "العلم" في جميع النسخ: "وإما أن يقاد" بالقاف، ويوافقه ما جاء في "كتاب الديات": "إما أن يُودَى، وإما أن يُقاد"، وكذلك في مسلم، وحكى بعضهم يعني في مسلم: "يفادى" بالفاء، موضع يقاد، قال: والصواب الأول، وهو القاف؛ لأن على الفاء يَخْتَلّ اللفظ؛ لأن العقل هو الفداء، فيتحصل التكرار، قال: والصواب أن القاف مع قوله: "يُعْقَل والفاء مع قوله: "يُقْتَل"؛ لأن العقل هو الفداء، وأما "يُعْقَل" مع "يُفْدَى"، أو "يفادَى"، فلا وجه له.


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٢٩.