للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العلم في الصحف، وتدوين السنن؛ لأحاديث رُويت فيها، منها: حديث أبي سعيد: "استأذنّا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتابة، فلم يأذن لنا" (١).

وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: "أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أن لا نكتب شيئًا" (٢).

ولئلا يُكتب مع القرآن شيءٌ، وخوف الاتكال على الكتابة، ثم جاءت أحاديث بالإذن في ذلك؛ كحديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-يريد قول عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أريد حفظه، فنهتني قريش، وقالوا: أتكتب كل شيء تسمعه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَشَر، يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأومأ بإصبعه إلى فيه، فقال: "اكتُب، فوالذي نفسي بيده ما يَخْرُج منه إلا حق" (٣).

قال: وأجازه معظم الصحابة والتابعين، ووقع عليه بعدُ الاتفاق، ودعت إليه الضرورة؛ لانتشار الطرق، وطول الأسانيد، واشتباه المقالات، مع قلة الحفظ، وكَلَال الفهم. انتهى كلام القاضي عياض -رحمه الله- (٤).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "اكتبوا لأبي شاه" تصريح بجواز كتابة العلم غير القرآن، ومثله حديث عليّ - رضي الله عنه -: ما عندنا إلا ما في هذه الصحيفة، ومثله حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: كان عبد الله بن عمرو يَكْتُب، ولا أكتب، وجاءت أحاديث بالنهي عن كتابة غير القرآن، فمن السلف من منع كتابة العلم، وقال جمهور السلف: بجوازه، ثم أجمعت الأمة بعدهم على استحبابه، وأجابوا عن أحاديث النهي بجوابين:


(١) رواه الترمذيّ برقم (٢٥٥٦) وفي سنده سفيان بن وكيع ضعيف، وصححه الشيخ الألبانيّ -رحمه الله-.
(٢) رواه أحمد في "مسنده" ٥/ ١٨٢، وأبو داود في "سننه" (٣٦٤٨) وهو ضعيف؛ لأن في سنده كثير بن زيد متكلّم فيه، وفيه أيضًا المطّلب بن حنطب، كثير التدليس، ولم يصرّح بالسماع.
(٣) حديث صحيح، رواه أحمد في "مسنده" (٢/ ١٦٢)، وأبو داود في "سننه" (٣٦٤٨).
(٤) راجع: "إكمال المعلم" ٤/ ٤٤٧.