٥ - (جَابِرُ) بن عبد الله بن عمرو بن حَرَام الأنصاريّ السَّلَميّ الصحابيّ ابن الصحابيّ، غزا تسع عشرة غزوة، ومات بالمدينة بعد السبعين، وهو ابن (٩٤)(ع) تقدم في "الإيمان" ٤/ ١١٧.
شرح الحديث:
(عَنْ جَابِرِ) بن عبد الله -رضي الله عنهما- أنه (قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ بِمَكَةَ السِّلَاحَ") أي: بلا ضرورة عند الجمهور، ومطلقًا عند الحسن، وحجة الجمهور ما رواه البراء - رضي الله عنه - قال: اعتَمَر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة، فأَبَى أهل مكة أن يَدَعوه يدخل مكة، حتى قاضاهم لا يُدْخِل مكة سلاحًا إلا في القِرَاب، وما رواه ابن عمر -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرًا، فحال كفار قريش بينه وبين البيت … " الحديث، وفيه:"قاضاهم على أن يعتمر العام المقبل، ولا يَحْمِل سلاحًا عليهم إلا سيوفًا … " إلخ، أخرجهما أحمد، والبخاريّ.
قال الشوكانيّ -رحمه الله-: في الحديثين دليل على جواز حمل السلاح بمكة؛ للعذر والضرورة، فيُخَصَّص بهذين الحديثين عموم حديث جابر - رضي الله عنه - عند مسلم، يعني به حديث الباب، قال: فيكون هذا النهي فيما عدا مَن حمله للحاجة والضرورة، هالى هذا ذهب الجماهير من أهل العلم؛ أي: أن النهي محمول على حمل السلاح بغير ضرورة ولا حاجة، فإن كانت حاجة جاز، قال: وهكذا يُخَصَّص بحديثي البراء وابن عمر -رضي الله عنهم- عمومُ قول ابن عمر -رضي الله عنهما- للحجّاج:"وأدخلت السلاح الحرم، ولم يكن السلاح يُدْخَل الحرم"، فيكون مراده: لم يكن السلاح، يدخل الحرم لغير حاجة، فإنه قد دخل - صلى الله عليه وسلم - به غير مرة، كما في دخوله يوم الفتح هو وأصحابه، ودخوله - صلى الله عليه وسلم - للعمرة، كما في حديث البراء وابن عمر -رضي الله عنهم-. انتهى (١).
وقال النوويّ -رحمه الله-: هذا النهي إذا لم تكن حاجة، فإن كانت حاجة جاز، هذا مذهبنا، ومذهب جماهير العلماء.