للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القاضي عياض -رحمه الله-: هذا محمول عند أهل العلم على حمل السلاح لغير ضرورة، ولا حاجة، فإن كانت حاجة جاز، قال القاضي: وهذا مذهب مالك، والشافعيّ، وعطاء، قال: وكرهه الحسن البصريّ؛ أي: مطلقًا؛ تمسكًا بظاهر هذا الحديث، يعني النهي، وحجة الجمهور دخول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عام عمرة القضاء بما شرطه من السلاح في القِرَاب، ودخوله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح متأهبًا للقتال. انتهى.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- بعد ذكر حديث البراء - رضي الله عنه -: هذا ظاهر في إباحة حمله عند الحاجة؛ لأنهم لم يكونوا يَأمنون أهل مكة أن ينقضوا العهد، ويُخْفِروا الذمة، واشترطوا حمل السلاح في قِرابه، فأما من غير خوف، فإن أحمد: قال: لا إلا من ضرورة، وإنما منع منه لأن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "لا يُحْمَل المحرم السلاح في الحرم".

وقال القاري بعد ذكر كلام القاضي عياض: وفيه بحث ظاهر؛ إذ المراد بحمل السلاح أن يكون ظاهرًا، بحيث يكون سبب لرُعْب مسلم، أو أذى أحد، كما هو مشاهد اليوم، ويؤيده أنه كان ابن عمر يمنع ذلك في أيام الحجاج، وأما عام الفتح فهو مستثنى من هذا الحكم، فإنه كان أبيح له ما لم يُبح لغيره من نحو حمل السلاح. انتهى (١).

قال صاحب "المرعاة" -رحمه الله-: والحق ما ذهب إليه الجمهور من حمل حديث جابر على حمل السلاح لغير ضرورة وحاجة؛ لأن فيه الجمعَ بين الأحاديث، وأما تخصيصه بحمل السلاح ظاهرًا بحيث يكون سببًا لرُعْب مسلم، أو أذى أحد، فلا يخفى ما فيه. انتهى (٢)، وهو تعقّب حسن، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "مرقاة المفاتيح" ٥/ ٦٠٨.
(٢) "المرعاة" ٩/ ٤٧٨ - ٤٧٩.