للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمدنيين، وشيخه، وإن كان بغلانيًّا إلا أنه دخل المدينة.

٤ - (ومنها): أن صحابيّه من مشاهير الصحابة -رضي الله عنهم-، روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صفة الوضوء وغير ذلك من الأحاديث، ويقال: إنه هو الذي قَتَل مسيلمة الكذّاب، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زيدِ بْنِ عَاصِم) المازنيّ - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِن إِبْرَاهِيمَ) الخليل -عليه السلام- (حَرَّمَ مَكَةَ) اي: أظهر للناس تحريمها بعد أن نسوه، وإلا فتحريمها من الله -عز وجل- يوم خلق السماوات والأرض، كما سبق بيانه.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "إن إبراهيم حرّم مكة" أي: بلّغ حكم تحريمها، وعلى ذلك يُحمل قول نبيّنا - صلى الله عليه وسلم -: "وإني أحرّم ما بين لابتيها"، وقد دلّ على صحة هذا التأويل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حرّم مكة، ولم يُحرّمها الناس"، متّفقٌ عليه. انتهى (١).

وقال النوويّ -رحمه الله-: هذا دليل لمن يقول: إن تحريم مكة إنما هو كان في زمن إبراهيم -عليه السلام-، والصحيح أنه كان يوم خلق الله السماوات والأرض، وقد سبقت المسألة مستوفاةً قريبًا، وذكروا في تحريم إبراهيم -عليه السلام- احتمالين:

أحدهما: أنه حرّمها بأمر الله تعالى له بذلك، لا باجتهاده، فلهذا أضاف التحريم إليه تارةً، وإلى الله تعالى تارةً.

والثاني: أنه دعا لها، فحرّمها الله تعالى بدعوته، فأضيف التحريم إليه لذلك. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى كون الاحتمال الثاني بعيدًا، فلا تغفُل، والله تعالى أعلم.

(وَدَعَا لِأَهْلِهَا) أي: بالبركة (وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ) أي: ما بين لابتيها، أو ما بين عَير إلى ثور، كما يأتي في الروايات الآتية (كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ) -عليه السلام-


(١) "المفهم" ٣/ ٤٧٩.