للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مَكَّةَ، وَإِنِّي دَعَوْتُ) أي: بالبركة (فِي صَاعِهَا، وَمُدِّهَا) قال القرطبيّ -رحمه الله-؛ أي: في ذي صاعها، وذي مدِّها، يعني: فيما يُكال بالصَّاع والمدّ، ووجهُ البركة تكثير ذلك، وتضعيفه في الوجود، أو في الشِّبَع، وقد فَعَل الله تعالى كل ذلك بالمدينة، فانجلب الناس إليها من كل أرض وبلد، وصارت مُسْتَقَرَّ ملوكٍ، وجُلبت إليها الأرزاق، وكثرت فيها مع قلة أكل أهلها، وترك نَهَمهم، وإنما هي وجبة واحدة يأكلون فيها العُلْقة من الطعام، والكفَّ من التمر، ويُكتفى به، ثم لا يلزم أن يكون ذلك فيها دائمًا، ولا في كل شخص، بل تتحقق إجابة دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إذا وُجد ذلك في أزمان، أو في غالب أشخاص، والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (١).

(بِمِثْلَيْ) بالتثنية، وهو مضاف إلى (مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيمُ) -عليه السلام- (لِأَهْلِ مَكَّةَ") هو ما فسّره في حديث أنس - رضي الله عنه - الآتي: "اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة وفي لفظ: "اللهم بارك لهم في مدّهم وصاعهم وفي لفظ: "اللهم بارك لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم، وبارك لهم في مُدّهم"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن زيد - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٨٢/ ٣٣١٤ و ٣٣١٥] (١٣٦٠)، و (البخاريّ) في "البيوع" (٢١٢٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ٤٠)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٢/ ٤٠١)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٤/ ٣٦ - ٣٧)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٥/ ١٩٧)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان فضل المدينة، وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جعلها حرمًا.


(١) "المفهم" ٣/ ٤٨٠.