للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الجهمية وأتباعهم: إنها ألفاظ مجرَّدَةٌ لا تتضمن صفات، ولا معاني، فيطلقون عليه اسم السميع والبصير والحي والرحيم والمتكلم والمريد، ويقولون: لا حياة له، ولا سمع، ولا بصر، ولا كلام، ولا إرادة تقوم به، وهذا من أعظم الإلحاد فيها عقلًا وشرعًا ولغةً وفطرةً، وهو يقابل إلحاد المشركين، فإن أولئك أَعْطَوا أسماءه وصفاته لآلهتهم، وهؤلاء سلبوه صفات كماله، وجحدوها وعطّلوها، فكلاهما مُلْحِد في أسمائه.

ثم الجهمية وفُروخهم متفاوتون في هذا الإلحاد، فمنهم الغالي، والمتوسط، والمنكوب.

وكُلُّ مَن جَحَد شيئًا مما وَصَف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقد ألحد في ذلك، فليستقلّ، أو ليستكثر.

[وخامسها]: تشبيه صفاته بصفات خلقه، تعالى الله عما يقول المشبِّهون علوًّا كبيرًا، فهذا الإلحاد في مقابلة إلحاد المعطلة، فإن أولئك نَفَوا صفة كماله وجحدوها، وهؤلاء شبَّهوها بصفات خلقه، فجَمَعَهُم الإلحاد، وتفَرَّقت بهم طرقه.

وبَرَّأ الله أتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وورثته القائمين بسنته عن ذلك كله، فلم يَصِفُوه إلا بما وَصَف به نفسه، ولم يَجحدوا صفاته، ولم يشبّهوها بصفات خلقه، ولم يَعْدِلوا بها عما أُنزِلت عليه لفظًا ولا معنًى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات، ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان إثباتهم بريئًا من التشبيه، وتنزيههم خليًّا من التعطيل، لا كَمَن شَبَّهَ حتى كأنه يعبد صنمًا، أو عَطَّل حتى كأنه لا يعبد إلا عدمًا.

وأهلُ السنة وَسَطٌ في النِّحَل، كما أن أهل الإسلام وسط في الملل، تَتَوَقَّدُ مصابيح معارفهم من {شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} [النور: ٣٥]، فنسأل الله تعالى أن يهدينا لنوره، ويسهل لنا السبيل إلى الوصول إلى مرضاته، ومتابعة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، إنه قريب مجيب.

فهذه عشرون فائدةً مضافة إلى القاعدة التي بدأنا بها في أقسام ما يوصف به الرب تبارك وتعالى، فعليك بمعرفتها، ومراعاتها، ثم اشْرَحْ الأسماء