للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السين المهملتين، ثم فاء: موضع بين مكة والمدينة، ويُذكّر، ويؤنّث، قال الفيّوميّ: ويُسمّى في زماننا مَدْرَجَ عُثمان، وبينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل، ونونه زائدة. انتهى (١). (فَأَقَامَ) النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (بِهَا)؛ أي: بعُسفان، تقدّم آنفًا أنها تذكّر وتؤنّث (لَيَالِيَ، فَقَالَ النَّاسُ: وَاللَّهِ مَا) نافية (نَحْنُ هَا هُنَا فِي شَيْءٍ)؛ أي: لسنا في شيء نافع لنا (وَإِنَّ عِيَالَنَا لَخُلُوفٌ) بضمّ الخاء المعجمة؛ أي: لا حافظ لهم، ولا حامي، يقال: حيٌّ خُلُوفٌ؛ أي: غاب عنهم رجالهم، قاله القرطبيّ (٢)، وقال النوويّ: أي: ليس عندهم رجال، ولا من يحميهم (٣)، وقال ابن الأثير: يقال: حيّ خُلُوفٌ: إذا غاب الرجال، وأقام النساء، ويُطلق على المقيمين، والظاعنين. انتهى (٤). (مَا نَأْمَنُ) بفتح الميم، من باب تَعِب (عَلَيْهِمْ)؛ أي: نخاف عليهم العدوّ أن يأتيهم ونحن غائبون (فَبَلَغَ ذَلِكَ النّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فَقَالَ: "مَا) استفهاميّة (هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِكُمْ؟ " أي: أيُّ شيء هذا الذي بلغني مما تحدّثتم به من شؤون عيالكم؟ وقوله: (مَا أَدْرِي كَيْفَ قَالَ) هذا شكّ من أبي سعيد الخدريّ -رضي اللَّه عنه- فيما عبّر به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن ربّه عند حلفه، هل قال: ("وَالَّذِي أَحْلِفُ بِهِ) أي: وهو اللَّه تعالى (أَوْ) قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ) من باب نصر (أَوْ إِنْ شِئْتُمْ"، لَا أَدْرِي أَيُّتَهُمَا قَالَ؟) وهذا أيضًا شكّ في لفظ الحديث، هل قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لقد هممت، أو قال: إن شئتم" ("لَآمُرَنَّ بِنَاقَتِي تُرْحَلُ) بضمّ أوله، وإسكاء الراء، مبنيًّا للمفعول؛ أي: يشدّ عليها رحلها، وضبطه القرطبيّ بتشديد الحاء (ثُمَّ لَا أَحُلُّ لَهَا عُقْدَةً حَتَّى أَقْدَمَ الْمَدِينَةَ") قال القرطبيّ: أي أصِلُ المشي والإسراع، وذلك لمحبته الكونَ في المدينة، وشدّة شوقه إليها. انتهى (٥).

وقال النوويّ: معناه: ثم أواصل السير، ولا أحلّ عن راحلتي عُقدة من عُقَد حملها، ورحلها، حتى أصل المدينة؛ لمبالغتي في الإسراع إليها (٦)، (وَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ) -عَلَيْهِ السَّلَام- (حَرَّمَ مَكَّةَ)؛ أي: أظهر للناس تحريمها؛


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ٤٩٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١٤٧.
(٤) "النهاية" ٢/ ٦٨.
(٥) "المفهم" ٣/ ٤٩٠.
(٦) "شرح النوويّ" ٩/ ١٤٧.