للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حرّم، كأنه قال: وذلك أن لا يُهراق فيها دم، وليس من المفعوليّة في شيء، ولو كان مفعولًا به لقيل: إني حرّمت أن يهراق بها دم، والمراد من النهي عن إراقة الدم هو النهي عن القتال فيها، وذلك أن إراقة الدم الحرام ممنوع عنها على الإطلاق، والمباح منه لَمْ نجد فيه اختلافًا يُعتدّ به إلَّا في حرم مكة. انتهى (١).

(وَلَا يُحْمَلَ) بالبناء للمفعول (فِيهَا سِلَاحٌ لِقِتَالٍ، وَلَا تُخْبَطَ فِيهَا شَجَرَةٌ) ببناء الفعل للمفعول أيضًا، وبابه ضرب، والخبط هو ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقط: خَبَطٌ بالتحريك، فَعَلٌ بمعنى مفعول.

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقوله: "لا يُحمل فيها سلاح، ولا يُخبط فيها شجرة) هذا كله يقضي التسوية بين حرم المدينة وحرم مكة، وهو ردٌّ على أبي حنيفة، على ما تقدّم. انتهى.

(إِلَّا لِعَلْفٍ) بإسكان اللام، وهو مصدر عَلَفْتُ عَلْفًا، من باب ضرب، وأما العلَفُ بفتح اللام، فاسم الحشيش، والتبن، والشعير، ونحوها، وفيه جواز أخذ أوراق الشجر للعلف، وهو المراد هنا، بخلاف خبط الأغصان، وقطعها، فإنه حرام (٢).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "إلَّا لعلْف" لم يُذكر هذا الاستثناء في شجر مكة، وهو جارٍ فيها، ولا قرن بينهما، وكذلك ذكر في مكة: "إلَّا الإذخر"، ولم يذكره في المدينة، وهو أيضًا جارٍ فيها؛ إذ لا فرق بين الحرمين.

والحاصل من الاستثناءين: أن ما دَعَت الحاجة إليه من العلف، والانتفاع بالحشيش جاز تناوله على وجه الْهَشّ، والرفق من غير عُنف، ولا كسر غصن، وهو حجة على من منع شيئًا من ذلك. انتهى (٣).

(اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنَ الْمَدِينَةِ شِعْبٌ) بكسر الشين المعجمة، وسكون العين المهملة: هو


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٦/ ٢٠٥٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ١٤٧ - ١٤٨.
(٣) "المفهم" ٣/ ٤٩١.