للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وما جعل اللَّه تعالى فيها من السرّ العظيم، حيث كانت مُهاجَرَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ومهبط الوحي، فتَنفي الأشرار، وتُبقِي الأخيار، واللَّه تعالى أعلم.

(لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَنْفِيَ الْمَدِينَةُ شِرَارَهَا، كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ") قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الأظهر أن هذا مختص بزمن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه لم يكن يصبر على الهجرة، والمقام معه إلا من ثبت إيمانه، وأما المنافقون، وجهلة الأعراب، فلا يصبرون على شدة المدينة، ولا يحتسبون الأجر في ذلك، كما قال ذلك الأعرابيّ الذي أصابه الْوَعْك: أقِلْني بيعتي. انتهى كلام القاضي عياض.

وتعقّبه النوويّ، فقال: هذا الذي ادَّعَى أنه الأظهر، ليس بالأظهر؛ لأن هذا الحديث الأول في "صحيح مسلم" أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد"، وهذا -واللَّه أعلم- في زمن الدجال، كما جاء في الحديث الصحيح الذي ذكره مسلم في أواخر الكتاب، في أحاديث الدجال أنه يقصد المدينة، فترجُف المدينة ثلاث رَجَفات، يُخرج اللَّه بها منها كلَّ كافر ومنافق، فيَحْتَمِل أنه مختص بزمن الدجال، ويَحْتَمِل أنه في أزمان متفرقة، واللَّه أعلم. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأَولى كما سيأتي عن الحافظ أن كلًّا من الزمنين مراد في الحديث، فقد وقع ذلك في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-، كما سيأتي في الحديث التالي من قصّة الأعرابي الذي طلب إقالة بيعته، وسيقع أيضًا في آخر الزمان عند مجيء الدجال إلى المدينة، ونزوله في بعض ناحية المدينة، كما سيأتي في "كتاب الفتن"، فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٨٥/ ٣٣٥٣] (١٣٨١)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٣٧٣٤)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (٣/ ١٥٧)، و (أبو نعيم) في