للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عيص بن إرم بن سام بن نوح؛ لأنه أول من سكنها بعد العرب، ونزل أخوه خيبور خيبر، فسُمّيت به، وسقط بعض الأسماء من كلام البكريّ (١).

(تَنْفِي النَّاسَ) قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وكأن هذا مختصّ بزمنه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها، إلا من ثبت إيمانه، وقال النوويّ: ليس هذا بظاهر؛ لأن عند مسلم: "لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها، كما ينفي الكير خبث الحديد"، وهذا -واللَّه أعلم- زمن الدجال. انتهى.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويَحْتَمِل أن يكون المراد كلّا من الزمنين، وكان الأمر في حياته كذلك؛ للسبب المذكور، ويؤيده قصة الأعرابيّ الآتية في حديث جابر التالي، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكر هذا الحديث مُعَلِّلًا به خروج الأعرابيّ وسؤاله الإقالة عن البيعة، ثم يكون ذلك أيضًا في آخر الزمان عندما ينزل بها الدجال، فتَرْجُف بأهلها، فلا يبقى منافق، ولا كافر إلا خرج إليه، وهو متّفقٌ عليه أخرجه البخاريّ في "الحجّ"، ومسلم في "الفتن"، وأما ما بين ذلك فلا. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو تحقيق حسن جدًّا، واللَّه تعالى أعلم.

(كَمَا يَنْفِي الْكِيرُ) بكسر الكاف، وسكون التحتانية، وفيه لغة أخرى: كُور بضم الكاف، قال في "الفتح": والمشهور بين الناس أنه الزِّقّ الذي يُنفخ فيه، لكن أكثر أهل اللغة على أن المراد بالكير: حانوت الحداد، والصائغ، قال ابن التين: وقيل: الكير هو الزِّقّ، والحانوت هو الكُور، وقال صاحب "المحكم": الكير: الزِّقّ الذي يَنفُخ فيه الحداد، ويؤيد الأول ما رواه عمر بن شبة في "أخبار المدينة" بإسناد له إلى أبي مودود، قال: رأى عمر بن الخطاب كِير حداد في السوق، فضربه برجله، حتى هدمه.

(خَبَثَ الْحَدِيدِ) منصوب على المفعوليّة لـ "ينفي"، وهو: بفتح الخاء المعجمة، والموحدة، بعدها مثلثة؛ أي: وسخه الذي تُخرجه النار، والمراد: أنها لا تترك فيها مَن في قلبه دَغَلٌ، بل تميّزه عن القلوب الصادقة، وتخرجه كما يُمَيِّز الحداد رديء الحديد من جيّده، ونسبة التمييز للكير؛ لكونه السبب


(١) "الفتح" ٥/ ١٨٦.
(٢) "الفتح" ٥/ ١٨٦.