للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا ممتنعة منها، وتذليل القطف تسهيل اجتنائه، وإدناؤه من قاطفه، كما قال تعالى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: ١٤].

وقوله: (يَعْنِي السِّبَاعَ وَالطَّيْرَ) يعني أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أراد بقوله: "للعوافي"، والمعنى أن أهل المدينة يتركونها في حال أحسنيّتها مُخلّاةً للوحش والطير.

وقوله: (قَالَ مُسْلِم) وابن الحجّاج، صاحب الكتاب، وقوله: (هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ) نسبه لجدّه، فهو عبد اللَّه بن سعيد بن عبد الملك، ولم أر هذا الكلام في غير هذا الكتاب.

وقوله: (يَتِيمُ ابْنِ جُرَيْجٍ عَشْرَ سِنِينَ. . . إلخ) قال في "التهذيب": ذهبت به أمه أمّ جميل بنت عمرو بن عبد اللَّه بن صفوان بن أمية إلى مكة حين قُتل أبوه مع مروان بن محمد بنهر أبي فُطْرُس، وذلك سنة اثنتين وثلاثين ومائة. انتهى (١).

وقوله: (كَانَ فِي حَجْرِهِ) بفتح الحاء، وقد تكسر، وأصله حِضْنُ الإنسان، وهو ما دون إبطه إلى الْكَشْح، والمراد هنا أنه في كَنَفه، وحِمَايته (٢)، ولعل ابن جريج تزوّج أمه، فربّاه، واللَّه تعالى أعلم.

والحديث متّفقٌ عليه، وسيأتي شرحه مستوفًى في الحديث التالي، وإنما أخّرته إليه؛ لكونه أتمّ سياقًا مما هنا، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٣٦٨] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْب بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَن ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَقُولُ: "يَتْرُكُونَ الْمَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا الْعَوَافِي -يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ- ثُمَّ يَخْرُجُ


(١) "تهذيب الكمال" ١٥/ ٣٥، و"تهذيب التهذيب" ٢/ ٣٤٦.
(٢) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٢١ - ١٢٢.