للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صاحبه الحوض، ويقتضي شربه منه. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "ومنبري على حوضي"؛ أي: يُنقل يوم القيامة، فيُنصب على الحوض، وقال الأكثر: المراد منبره بعينه الذي قال هذه المقالة، وهو فوقه، وقيل: المراد المنبر الذي يوضع له يوم القيامة، والأول أظهر، ويؤيده حديث أبي سعيد المتقدِّم، وقد رواه الطبراني في "الكبير" من حديث أبي واقد الليثيّ رفعه: "أن قوائم منبري رواتب في الجنة"، وقيل: معناه أن قصد منبره، والحضور عنده لملازمة الأعمال الصالحة يورد صاحبه إلى الحوض، ويقتضي شربه منه، واللَّه أعلم.

ونقل ابن زِبالة أن ذَرْع ما بين المنبر والبيت الذي فيه القبر الآن ثلاث وخمسون ذراعًا، وقيل: أربع وخمسون وسدس، وقيل: خمسون إلا ثلثي ذراع، وهو الآن كذلك، فكأنه نقص لما أُدخل من الحجرة في الجدار.

واستُدِلّ به على أن المدينة أفضل من مكة؛ لأنه أثبت أن الأرض التي بين البيت والمنبر من الجنة، وقد قال في الحديث الآخر: "لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها".

وتعقبه ابن حزم بأن قوله أنها من الجنة مجازٌ؛ إذ لو كانت حقيقة لكانت كما وصف اللَّه الجنة: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨)} [طه: ١١٨]، وإنما المراد أن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة، كما يقال في اليوم الطيب: هذا من أيام الجنة، وكما قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الجنة تحت ظلال السيوف"، قال: ثم لو ثبت أنه على الحقيقة لما كان الفضل إلا لتلك البقعة خاصّة، فإن قيل: إن ما قَرُب منها أفضل مما بَعُد لزمهم أن يقولوا: إن الجحفة أفضل من مكة، ولا قائل به. انتهى (٢).

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "إكمال المعلم" ٤/ ٥٠٩.
(٢) راجع: "الفتح" ٥/ ٢٠٦.