(عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("هَذِهِ) الإشارة إلى المدينة (طَابَةُ) تقدّم أنها بمعنى طيبة، قال في "القاموس" و"شرحه": وطَيْبَةُ عَلَمٌ على المَدِينَة النَّبَوِيّةِ -على سَاكِنِها أَفْضَلُ الصَّلَاة وأَتَمُّ السَّلَام- وعَلَيْهِ اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ، قال ابن بَرِّيّ، وقد سَمَّاهَا النَّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بِعِدَّة أَسْمَاء، كَطَابَةَ، والطَّيِّبَةِ، والمُطَيَّبَة، والجَابِرَة، والمَجْبُورَة، والحَبِيبَة، والمَحْبُوبَة، والمُوفِيَة، والمِسْكِينَة، وغَيْرِهَا، مِمَّا سَرَدْنَاهَا في غير هذا المحل، وفي الحَدِيث أَنَّه أَمَرَ أَنْ تُسَمَّى المَدِينة طَيْبَةَ، وطَابَة، وهما تَأنِيثُ طَيْبٍ، وطَاب، بمَعْنَى الطِّيبِ؛ لأَن المَدِينَةَ كانَ اسمُهَا يَثْرِبَ، والثَّرْبُ الفَسَادُ، فنَهَى أَن يُسَمَّى بِهَا، وسَمَّاها طَابَةَ، وطَيْبَةَ، وقِيلَ: هُوَ مِنَ الطَّيِّب الطَّاهِرِ؛ لخُلُوصِهَا من الشِّرْكِ، وتَطْهِيرِها مِنْهُ، ومِنْه: "جُعِلَت لِي الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا"؛ أي: نَظِيفَةً غير خَبِيثَة، والمُطَيَّبَةُ، في قَول المُصَنّفِ مَضْبُوطٌ بِصِيغَة المَفْعُولِ، وَهُو طَاهِرٌ، ويَحْتَمِلُ بِصِيغَةِ الفَاعِل؛ أي: المُطَهِّرَةُ المُمَحِّصَةُ لذُنُوبِ نَازِليهَا. انتهى (١)، وتقدّم البحث في أسمائها قريبًا، فلا تغفل.
(وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبنا وَنُحِبُّهُ") تقدّم أن الصحيح في معناه أنه على ظاهره، وأن اللَّه سبحانه وتعالى جعل فيه إدراكا وتمييزًا، فيُحب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأصحابه حقيقةً، وقيل: معناه يحبنا أهله، وهم أهل المدينة، وهذا تأويل ضعيف، كما سبق تحقيقه في حديث أنس -رضي اللَّه عنه- المتقدّم برقم [٣٣٢٢](١٣٦٥)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي حُميد الساعديّ -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٩٠/ ٣٣٧٢](١٣٩٢)، و (البخاريّ) في "الزكاة"(١٤٨١) و"فضائل المدينة"(١٨٧٢) و"الجزية"(٣١٦١) وفي "مناقب الأنصار"(٣٧٩١) و"المغازي"(٤٤٢٢)، و (أبو داود) في "الخراج "(٣٠٧٩)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(١٤/ ٥٣٩ - ٥٤٠)، و (أحمد) في "مسنده"(٥/ ٤٢٤)،