من الصلاة في البقاع التي يتبرك بها، أي لا يلزم الوفاء بشيء من ذلك غير هذه المساجد الثلاثة.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا التخصيص لا دليل عليه؛ بل الظاهر إجراء عموم النص على ظاهره، فيعمّ النذر وغيره، والله تعالى أعلم.
ومنها: أن المراد حكم المساجد فقط، وأنه لا تشد الرجال إلى مسجد من المساجد للصلاة فيه غير هذه المساجد الثلاثة، وأما قصد غير المساجد لزيارة صالح، أو قريب، أو صاحب، أو طلب علم، أو تجارة، أو نزهة، فلا يدخل في النهي.
قال الحافظ: ويؤيده ما روى أحمد من طريق شهر بن حوشب، قال: سمعت أبا سعيد، وذُكرت عنده الصلاة في الطور، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ينبغي للمطي أن تشد رجاله إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا"، وشهر حسن الحديث، وإن كان فيه بعض الضعف.
ومنها: أن المراد قصدها بالاعتكاف، فيما حكاه الخطابي عن بعض السلف أنه قال: لا يعتكف في غيرها، وهو أخص من الذي قبله، قال الحافظ: ولم أر عليه دليلًا.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الراجح عندي ما ذهب إليه الأولون، وهو أن النهي للتحريم عمومًا، فيحرم شد الرجال إلى غير المساجد الثلاثة؛ لوضوح الحجة في ذلك، إلا ما خُص بالدليل؛ كالسفر للجهاد، والتجارة، وطلب العلم، ونحو ذلك، فتأمّل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في الخلاف بين أهل العلم فيمن نذر إتيان هذه المساجد الثلاثة:
ذهب مالك، وأحمد، والشافعيّ، والبويطيّ - رحمهم الله تعالى - إلى وجوب الوفاء عليه، واختاره أبو إسحاق المروزيّ - رحمه الله -.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجب الوفاء مطلقًا.
وقال الشافعيّ - رحمه الله -: في "الأم": يجب في المسجد الحرام؛ لتعلّق