وقال المازريّ: الذي نطق به مذهب مالك أنه مندوبٌ، وقد يجب عندنا في حقّ من لا ينكفّ عن الزنا إلا به.
وقال القرطبيّ: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه، ودينه من العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج لا يُخْتَلَف في وجوب التزويج عليه، ونبّه ابن الرفعة على صورة يجب فيها، وهي ما إذا نذره حيث كان مستحبًّا.
وقال ابن دقيق العيد: قسم بعض الفقهاء النكاح إلى الأحكام الخمسة، وجعل الوجوب فيما إذا خاف العنت، وقَدَر على النكاح، وتعذّر التسرّي، وكذا حكاه القرطبيّ عن بعض علمائهم، وهو المازريّ قال: فالوجوب في حقّ من لا ينكفّ عن الزنا إلا به، كما تقدّم. قال: والتحريم في حقّ من يُخلّ بالزوجة في الوطء والإنفاق مع عدم قدرته عليه، وتوقانه إليه، والكراهة في حقّ مثل هذا حيث لا إضرار بالزوجة، فإن انقطع بذلك عن شيء من أفعال الطاعة، من عبادة، أو اشتغال بالعلم اشتدّت الكراهة، وقيل: الكراهة فيما إذا كان ذلك في حال العزوبة أجمع منه في حال التزويج، والاستحباب فيما إذا حصل به معنى مقصود من كسر شهوة، وإعفاف نفس، وتحصين فرج، ونحو ذلك، والإباحة فيما انتفت الدواعي والموانع.
ومنهم: من استمرّ بدعوى الاستحباب فيمن هذه صفته؛ للظواهر الواردة في الترغيب فيه. قال عياضٌ: هو مندوبٌ في حقّ كلّ من يرجى منه النسل، ولو لم يكن له في الوطء شهوة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإني مكاثرٌ بكم"، ولظواهر الحضّ على النكاح، والأمر به، وكذا في حقّ من له رغبة في نوع من الاستمتاع بالنساء غير الوطء، فأما من لا يُنسل، ولا أرب له في النساء، ولا في الاستمتاع فهذا مباحٌ في حقّه إذا علمت المرأة بذلك، ورضيت، وقد يقال: إنه مندوب أيضًا؛ لعموم قوله:"لا رهبانية في الإسلام".
وقال الغزاليّ في "الإحياء": من اجتمعت له فوائد النكاح، وانتفت عنه آفاته، فالمستحبّ في حقّه التزويج، ومن لا فالترك له أفضل، ومن تعارض الأمر في حقّه فليجتهد، ويعمل بالراجح. انتهى.
قال الحافظ: الأحاديث الواردة في ذلك كثيرةٌ، فأما حديث: "فإني