للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الليل تَنَحَّى، فَلَبِثَ طويلًا، ثم أتانا، فقال … " فذكر الحديث (فَبَشَّرَنِي) وفي رواية: "فأخبرني" (أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ) أي من أمة الإجابة، ويحتمل أن يكون أعمّ من ذلك، أي أمة الدعوة، وهو مُتَّجِهٌ (لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: معناه بحكم أصل الوضع: أن لا يتّخِذ معه شريكًا في الألوهيّة، ولا في الخلق، كما قدّمناه، لكن هذا القول صار بحكم العرف عبارةً عن الإيمان الشرعي، ألا ترى أنّ من وحّد الله تعالى، ولم يؤمن بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لن ينفعه إيمانه بالله تعالى، ولا توحيده، وكان من الكافرين بالإجماع القطعيّ؟. انتهى (١). (دَخَلَ الْجَنَّةَ") أي صار إليها إما ابتداءً من أول الحال، وإما بعد أن يقع ما يقع عليه من العقاب، قاله العينيّ رحمه الله تعالى (٢).

وقال الطيبيّ رحمه الله تعالى: فيه إشارة إلى أن عاقبته دخول الجنّة، وإن كان له ذنوب جمّة، أو ترك من الأركان شيئًا، لكن أمره إلى الله تعالى، إن شاء عفا عنه، وأدخله الجنّة، وإن شاء عذّبه بقدر ذنوبه، ثم أدخله الجنّة بفضله. انتهى (٣).

(قُلْتُ) القائل هو أبو ذرّ - رضي الله عنه -، وفي رواية الترمذيّ: قال أبو ذرّ: يا رسول الله … وقال في "الفتح": ويمكن أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قاله مُسْتوضحًا، وأبو ذرّ قاله مُستبْعِدًا، وقد جَمَع بينهما في "الرقاق" من طريق زيد بن وهب، عن أبي ذَرّ - رضي الله عنه -. انتهى (٤).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الحديث الذي أشار إليه الحافظ بأنه جمع بين قولي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي ذرّ - رضي الله عنه -: "وإن زنى، وإن سرق"، هو ما أخرجه البخاريّ في "كتاب الرقاق" من "صحيحه"، وسيأتي لمسلم أيضًا في "كتاب الزكاة"، قال البخاريّ رحمه الله تعالى:

(٦٤٤٣) حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير، عن عبد العزيز بن رُفيع، عن زيد بن وهب، عن أبي ذرّ - رضي الله عنه - قال: خرجت ليلةً من الليالي، فإذا


(١) "المفهم" ١/ ٢٩١ - ٢٩٢.
(٢) "عمدة القاري" ٨/ ٧.
(٣) "الكاشف عن حقائق السنن" ٢/ ٤٧٨ - ٤٧٩.
(٤) "الفتح" ٣/ ١٣٣.