للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "لا تحتجب النساء منه" يحتاج إلى دليل، وكذا قوله: "حَرُم على زوجها إمساكها"، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقال الأبيّ - رحمه الله - بعد ذكر ما مرّ عن أبي المعالي وغيره -: قلت: وعلى هذا لا يحتاج إلى تأويل أن يكون رآها فجأة، وحمله بعضهم على أنها نظرة الفجأة، وأنه مع كونها فجأةً لا بدّ من التأويل؛ لأن نظر الفجأة قد توقع في النفس، وتأويله ما تقدّم.

وقال ابن العربيّ - رحمه الله -: الحديث غريب المعنى؛ فإن الذي جرى منه شيء لا يعلمه إلا الله تعالى، وإنما أذاعه للتعليم، وما وقع في نفسه من الإعجاب بالمرأة غير مؤاخذ به، ولا ينقص من منزلته، وهو من مقتضى الْجِبِلِّي والشهوة الآدميّة، وغلبها بالعصمة، فأتى أهله؛ ليقضي حقّ الإعجاب، والشهوة الآدميّة، والاعتصام والعفّة. انتهى (١).

(فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ) بنت جحش الأسديّة أم المؤمنين، ماتت - رضي الله عنها - في خلافة عمر - رضي الله عنه - (وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا) جملة حاليّة من المفعول؛ أي: تَدْبُغُ جلدًا، وهو بفتح التاء، وسكون الميم، وفتح العين المهملة، من باب مَنَعَ، يقال: مَعَسَه: إذا دَلَكه دلكًا شديدًا (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قال أهل اللغة: "الْمَعْسُ" بالعين المهملة: الدلك، و"المَنِيئَةُ" - بميم مفتوحة، ثم نون مكسورة، ثم همزة ممدودة، ثم تاء تُكْتَب هاءً - وهي على وزن صغيرة، وكبيرة، وذبيحة، قال أهل اللغة: هي الجلد أولَ ما يوضع في الدباغ، وقال الكسائيّ: يُسَمَّى مَنِيئةً ما دام في الدباغ، وقال أبو عبيدة: هو في أول الدباغ مَنِيئةٌ، ثم أَفِيقٌ بفتح الهمزة، وكسر الفاء، وجمعه أُفُق، كقفيز وقفز، ثم أَدِيم، والله أعلم (٣).

(فَقَضَى حَاجَتَهُ) أي: جامعها (ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: "إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) قال الطيبيّ - رحمه الله -: جعل "صورة شيطان" ظرفًا لإقبالها مبالغةً على سبيل التجريد، كما تقول: رأيتُ فيك أسدًا؛ أي: لست غير


(١) راجع: "شرح الأبيّ " ٤/ ١٠.
(٢) "القاموس المحيط" ٢/ ٢٥١.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١٧٨.