للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأسد؛ لأن إقبالها داع للإنسان إلى استراق النظر إليها، كالشيطان الداعي إلى الشرّ والوسواس، وعلى هذا إدبارها؛ لأن الطرف رائد القلب، فيتعلّق بها عند الإدبار، فيتخيّل للوصول إليها، قال الحماسيّ [من الطويل]:

وَكُنْتَ إِذَا أَرْسَلْتَ طَرْفَكَ رَائِدًا … لِقَلْبِكَ يَوْمًا أَتْعَبَتْكَ الْمَنَاظِرُ

رَأَيْتَ الَّذِي لَا كُلَّهُ أَنْتَ قَادِرٌ … عَلَيْهِ وَلَا عَنْ بَعْضِهِ أَنْتَ صَابِرُ

قال أبو حامد: النظر مبدأ الزنا، فحفظه مُهمّ، وهو عسيرٌ من حيثُ إنه قد يُستهان به، ولا يَعْظُمُ الخوف منه، والآفات كلّها تنشأ منه. انتهى (١).

(وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) شبّهها بالشيطان في صفة الوسوسة، والإضلال، فإن رؤيتها من جميع الجهات داعية للفساد، قاله القاريّ - رحمه الله - (٢).

وقال النوويّ - رحمه الله -: قال العلماء: معناه الإشارة إلى الهوى، والدعاء إلى الفتنة بها؛ لِما جعله الله تعالى في نفوس الرجال من الميل إلى النساء، والالتذاذ بنظرهنّ، وما يتعلق بهنّ، فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر بوسوسته، وتزيينه له. انتهى (٣).

وقال النوويّ - رحمه الله -: وفي الرواية الأخرى: "إذا أحدَكُم أعجبته المرأة، فوقعت في قلبه، فَلْيَعْمِد إلى امرأته، فليواقعها، فإن ذلك يَرُدّ ما في نفسه"، هذه الرواية الثانية مبيّنة للأولى، ومعنى الحديث أنه يستحب لمن رأى امرأة، فتحركت شهوته، أن يأتي امرأته، أو جاريته، إن كانت له، فليواقعها؛ ليدفع شهوته، وتَسْكُن نفسه، ويَجْمَعَ قلبه على ما هو بصدده. انتهى (٤).

(فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً) أي: فأعجبته، ووقعت في نفسه (فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ) أي: فليجامعها (فَإِنَّ) الفاء للتعليل؛ أي: لأن (ذَلِكَ) أي: الجماع (يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ") قال القاري - رحمه الله -: "يردّ" بمثناة تحتية، من الردّ، وقال صاحب "النهاية" "يُبْرِد" بالموحدة، من البرد، ذكره السيوطيّ، وقال ابن الملك - رحمه الله -: قوله: "يَرُدُّ" بياء المضارعة من الردّ، ورُوي بالباء الموحدة، على صيغة الماضي، من


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٧/ ٢٢٧٠.
(٢) "مرقاة المفاتيح" ٦/ ٢٥٥.
(٣) "شرح النوويّ" ٩/ ١٧٨.
(٤) "شرح النوويّ" ١٧٨.