للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التبريد، والمشهور هو الرواية الأولى. انتهى (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "إن المرأة تُقْبِل في صورة شيطان": أي: في صفته من الوسوسة، والتحريك للشهوة بما يبدو منها من المحاسن المثيرة للشهوة النفسية، والميل الطبيعي، وبذلك تدعو إلى الفتنة التي هي أعظم من فتنة الشيطان، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما تركت في أمتي فتنة أضر على الرجال من النساء" (٢)، فلمّا خاف - صلى الله عليه وسلم -هذه المفسدة على أمته أرشدهم إلى طريق بها تزول وتنحسم، فقال: "إذا أبصر أحدكم المرأة، فأعجبته فليأت أهله"، ثم أخبر بفائدة ذلك، وهو قوله: "فإن ذلك يردّ ما في نفسه"، وللردّ وجهان:

أحدهما: أنَّ المنَّي إذا خرج؛ انكسرت الشهوة، وانطفأت، فزال تعلُّق النَّفْس بالصّورة الْمَرئيّة.

وثانيهما: أن محل الوطء والإصابة متساوٍ من النساء كلِّهنّ، والتفاوت إنما هو من خارج ذلك، فليُكْتَف بمحلِّ الوطء، الذي هو المقصود، ويُغْفَل عمَّا سواه، وقد دلّ على هذا ما جاء في هذا الحديث في غير مسلم بعد قوله: "فليأت أهله": "فإن معها مثل الذي معها" (٣).

قال: ولا يُظنُّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا فعل ذلك - ميلُ نَفْسٍ، أو غلبة شهوة - حاشاه عن ذلك - وإنما فعل ذلك لِيَسُنَّ، وليُقتدى به، ولِيَحْسِمَ عن نفسه ما يتوقع وقوعه. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

[تنبيه]: حديث جابر - رضي الله عنه - هذا من رواية أبي الزبير، عنه، وهو مدلّس، وقد عنعنه، ولم أر له فيه تصريحًا بالسماع، إلا أن المصنّف صححه، ولا يسعنا إلا أن نُحسن الظنّ فيه، فتأمل، والله تعالى أعلم.


(١) "مرقاة المفاتيح" ٦/ ٢٥٥.
(٢) متّفقٌ عليه.
(٣) رواه ابن حبّان في "صحيحه" (٥٥٧٢).
(٤) "المفهم" ٤/ ٩٠ - ٩١.